وقيل : الخطاب للمشركين. وقرأ ابن عامر وحمزة : لا تؤمنون بالتاء.
(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ) عطف على (لا يُؤْمِنُونَ) داخل في حكم (وَما يُشْعِرُكُمْ). يعني : وما يشعركم أنّهم لا يؤمنون ، وما يشعركم أنّا نقلّب أفئدتهم وأبصارهم ، أي : نطبع على قلوبهم وأبصارهم ، فلا يفقهون ولا يبصرون الحقّ (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) كما كانوا عند نزول آياتنا أوّلا لا يؤمنون بها ، لكونهم مطبوعا على قلوبهم. (وَنَذَرُهُمْ) وما يشعركم أنّا ندعهم (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) يتحيّرون ، أي : نخلّيهم وشأنهم ، لا نكفّهم عن الطغيان حتى يعمهوا فيه.
(وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١))
ثمّ بيّن سبحانه حالهم في عنادهم ، وتردّدهم في طغيانهم وكفرهم ، وتمرّدهم ولجاجهم ، فقال : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ) يشهدون لنبيّنا بالرسالة ، كما قالوا : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) (١) (وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى) وأحيينا الموتى حتّى شهدوا له ، كما قالوا : (فَأْتُوا بِآبائِنا) (٢) (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً) كما قالوا : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) (٣). وقبلا جمع قبيل ، بمعنى : كفيلا ، أو جمع القبيل الّذي هو جمع قبيلة بمعنى جماعات ، أو مصدر بمعنى مقابلة كقبلا. وهو قراءة نافع وابن عامر. وهو على الوجوه حال من «كلّ». وإنّما جاز ذلك لعمومه.
(ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) لما سبق عليهم علمه تعالى بكفرهم وعنادهم
__________________
(١) الفرقان : ٢١.
(٢) الدخان : ٣٦.
(٣) الإسراء : ٩٢.