بالنفاق أو التحاكم إلى الطاغوت (جاؤُكَ) تائبين من ذلك ، مقبلين عليك ، مؤمنين بك. وهو خبر «أنّ» ، و «إذ» متعلّق به. (فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) من ذلك بالتوبة والإخلاص (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) أي : واعتذروا إليك حتّى انتصبت لهم شفيعا.
وإنّما عدل عن الخطاب ولم يقل : واستغفرت لهم ، على طريقة الالتفات ، تفخيما لشأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتعظيما لاستغفاره ، وتنبيها على أنّ شفاعة من اسمه رسول الله من الله بمكان ، وسريع الاجابة البتّة ، وأنّ حقّ الرسول أن يقبل اعتذار التائب وإن عظم جرمه ويشفع له ، ومن منصبه أن يشفع في كبائر الذنوب.
(لَوَجَدُوا اللهَ) أي : لعلموه (تَوَّاباً رَحِيماً) قابلا لتوبتهم ، متفضّلا عليهم بالرحمة. وإن فسّر «وجد» بـ «صادف» كان «توّابا» حالا ، و «رحيما» بدلا منه ، أو حالا من الضمير فيه.
وفي الآية دلالة على أنّ مرتكب الكبيرة إذا استغفر وتاب يقبل الله توبته ، ولا يعذّبه بها.
(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥))
ثم بيّن سبحانه أنّ الإيمان به إنّما هو بالتزام حكم رسوله والرضا به ، فقال : (فَلا وَرَبِّكَ) أي : فو ربّك. و «لا» مزيدة لتأكيد القسم ، لا لتظاهر «لا» في جوابه ، أعني : قوله : (لا يُؤْمِنُونَ) ، لأنّها تزاد أيضا في الإثبات ، كقوله : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١). (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي : فيما اختلف بينهم واختلط ، ومنه الشجر ، لتداخل أغصانه وأجزائه (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) ضيقا
__________________
(١) البلد : ١.