اللهُ) من القرآن واتّباع ما فيه ، والإقرار بصحّته (وَإِلَى الرَّسُولِ) وتصديقه والاقتداء به (قالُوا حَسْبُنا) كفانا (ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) يعنون مذاهب آبائهم.
فهذا بيان لقصور عقلهم ، وانهماكهم في التقليد ، وأن لا سند لهم سواه.
ثمّ أنكر ذلك عليهم بقوله : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً) من أحكام الدين الحقّ (وَلا يَهْتَدُونَ) إليه. الواو للحال ، والهمزة دخلت عليها لإنكار الفعل على هذه الحال ، أي : أحسبهم ما وجدوا عليه آباءهم ولو كانوا جهلة ضالّين.
والمعنى : أنّ الاقتداء إنّما يصحّ بمن علم أنّه عالم مهتد ، وذلك لا يعرف إلّا بالحجّة ، فلا يكفي التقليد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥))
ولمّا بيّن الله سبحانه حكم الكفّار الّذين قلّدوا آباءهم وأسلافهم ، وركنوا إلى أديانهم ، عقّبه بالأمر بالطاعة ، وبيان أنّ المطيع لا يؤاخذ بذنوب العاصي ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي : احفظوها والزموا إصلاحها. والجارّ مع المجرور جعل اسما لـ «الزموا» ، ولذلك نصب «أنفسكم». (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) لا يضرّكم الضلال إذا كنتم مهتدين. ومن الاهتداء أن ينكر المكلّف المنكر حسب طاقته ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من رأى منكرا واستطاع أن يغيّره بيده فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه».
فليس المراد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنّ من تركهما مع القدرة عليهما فليس بمهتد.
وعن ابن مسعود أنّها قرئت عنده فقال : إنّ هذا ليس بزمانها ، إنّها اليوم مقبولة ، ولكن يوشك أن يأتي زمان تأمرون فلا يقبل منكم ، فحينئذ عليكم أنفسكم. فهي على هذا تسلية لمن يأمر وينهى فلا يقبل منه ، وبسط لعذره. وعنه :