(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (٥٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (٥٧))
ولمّا تقدّم ذكر المؤمن والكافر عقّبه بذكر الوعد والوعيد على الإيمان والكفر ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا) جحدوا حججنا ، وكذّبوا أنبياءنا ، ودفعوا الآيات الدالّة على توحيدنا وصدق نبيّنا (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً) نلقيهم فيها ، نلزمهم إيّاها ونحرقهم بها. هذا كالبيان والتقرير للآية المتقدّمة. (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) بأن يعاد ذلك الجلد بعينه على صورة اخرى ، كقولك : بدّلت الخاتم قرطا (١) ، أو بأن يزال عنه أثر الإحراق ليعود إحساسه للعذاب ، كما قال : (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) أي : ليدوم لهم ذوقه.
وقيل : يخلق لهم مكانه جلد آخر ، والعذاب في الحقيقة للنفس العاصية المدركة لا لآلة إدراكها ، فلا يقال : كيف يعذّب مكان الجلود العاصية جلودا لم تعص.
روى الكلبي عن الحسن قال : بلغنا أنّ جلودهم تنضج كلّ يوم سبعين ألف مرّة.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً) لا يمتنع عليه إنجاز ما وعده به ، ولا يمنع ما يريده
__________________
(١) القرط : ما يعلّق في شحمة الأذن من درّة ونحوها.