وقرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم : مبيّنة هنا ، وفي الأحزاب (١) والطلاق بفتح الياء ، والباقون بكسرها فيهنّ.
(وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) بالإنصاف في الإنفاق والإجمال في القول والفعل (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَ) أي : كرهتم صحبتهنّ وإمساكهنّ ، فلا تفارقوهنّ لكراهة الأنفس وحدها (فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) فإنّ النفس قد تكره ما هو أصلح دينا وأكثر خيرا ، وقد تحبّ ما هو بخلافه ، فليكن نظركم إلى ما هو أصلح للدين وأقرب إلى الخير. و «عسى» في الأصل علّة الجزاء ، فأقيم مقامه.
والمعنى : فإن كرهتموهنّ فاصبروا عليهنّ ، فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١))
روي أنّ الرجل إذا أراد جديدة بهت الّتي تحته بفاحشة يلجئها إلى الافتداء منه بما أعطاها ، ليصرفه إلى تزوّج الجديدة ، فنهى الله تعالى عن ذلك بقوله : (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ) تطليق امرأة وتزوّج أخرى (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَ) أي : إحدى الزوجات. جمع الضمير لأنّه أراد بالزوج الجنس. (قِنْطاراً) مالا كثيرا ، وهو الصداق ، من : قنطرت الشيء إذا رفعته ، ومنه : القنطرة ، لأنّها بناء مشيّد (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) أي : من القنطار ، أي : لا ترجعوا فيما أعطيتموهنّ من المهر إذا كرهتموهنّ وأردتم طلاقهنّ (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) استفهام إنكار وتوبيخ ،
__________________
(١) الأحزاب : ٣٠ ، الطلاق : ١.