عن الانتقام ومتابعة الشيطان.
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣))
ثمّ ذكر سبحانه طريقة المتّقين إذا عرضت لهم وساوس الشياطين ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) باجتناب معاصيه (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ) لمّة (مِنَ الشَّيْطانِ) وهو اسم فاعل من : طاف يطوف ، كأنّها طافت بهم ودارت حولهم ، فلم تقدر أن تؤثّر فيهم. أو من : طاف به الخيال يطيف طيفا. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب : طيف ، على أنّه مصدر أو تخفيف طيّف ، كـ : لين وهين. والمراد بالشيطان الجنس ، ولذلك جمع ضميره في قوله : «وإخوانهم».
ومعنى الآية : أن المتّقين عادتهم أنه إذا أصابهم أدنى نزغ من الشيطان وإلمام بوسوسته (تَذَكَّرُوا) ما أمر الله تعالى به ونهى عنه (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) فأبصروا الرشد ، أو بسبب التذكّر مواقع الخطأ ومكائد الشيطان ، فيتحرّزون عنها ولا يتّبعونه فيها.
والآية تأكيد وتقرير لما قبلها. وكذا قوله : (وَإِخْوانُهُمْ) أي : وإخوان الشياطين الّذين لم يتّقوا (يَمُدُّونَهُمْ) يمدّهم الشياطين ، أي : يكونون لهم مددا ويزيدونهم (فِي الغَيِ) بالتزيين والحمل عليه. وقرأ نافع : يمدّونهم ، من : أمدّ. (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) لا يمسكون ولا يكفّون عن إغوائهم.