عَشْرَةَ) وصيّرناهم قطعا متميّزا بعضهم عن بعض. ونصب «اثنتي عشرة» على أنّه مفعول ثان لـ «قطع» ، فإنّه متضمّن معنى «صيّر» أو حال. وتأنيثه للحمل على الأمّة أو القطعة. (أَسْباطاً) بدل منه ، ولذلك جمع. أو تمييز له ، على أنّ كلّ واحدة من اثنتي عشرة أسباط ، فكأنّه قيل : اثنتي عشرة قبيلة ، وكلّ قبيلة أسباط لا سبط ، فوضع أسباطا موضع قبيلة. والأسباط أولاد الأولاد ، جمع سبط. وكانوا اثنتي عشرة قبيلة من اثني عشر ولدا من ولد يعقوب عليهالسلام.
(أُمَماً) على الأوّل بدل بعد بدل ، أو نعت لـ «أسباطا». وعلى الثاني بدل من «أسباطا» ، أي : وقطّعناهم أمما ، لأنّ كلّ أسباط أمّة عظيمة وجماعة كثيفة العدد ، وكلّ واحدة كانت تؤمّ خلاف ما تؤمّه الأخرى ، فإنّ كلّ أمّة منهم ترجع إلى رئيسهم ليتميّزوا في مشربهم ومطعمهم ، فيخفّ الأمر على موسى عليهالسلام ، ولا يقع بينهم اختلاف وتباغض.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ) في التيه (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ) أي : فضرب فانفجرت من الحجر. وحذفه للإيماء على أنّ موسى عليهالسلام لم يتوقّف في الامتثال ، وأنّ ضربه لم يكن مؤثّرا في ذاته ، بل الانبجاس بفعل الله سبحانه ، لكن يتوقّف على الضرب وإن كان غير مؤثّر فيه. والانبجاس : الانفتاح بسعة وكثرة. (اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ) كلّ أمّة من تلك الأمم (مَشْرَبَهُمْ). والأناس اسم جمع غير تكسير ، نحو رخال (١) وتوام.
(وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) ليقيهم حرّ الشمس (وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا) أي : وقلنا لهم : كلوا (مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا) بالتجاوز عن أوامرنا (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). قد سبق في سورة البقرة (٢) تفسير هذه الآية.
(وَإِذْ قِيلَ) بإضمار «اذكر» (لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) قرية بيت المقدس
__________________
(١) الرخال : هي الإناث من أولاد الضأن. والتوام واحدة : توأم.
(٢) في ج ١ : ١٥٣.