(وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) من الكفر والمعاصي (ثُمَّ تابُوا) ورجعوا (مِنْ بَعْدِها) من بعد السيّئات (وَآمَنُوا) وأخلصوا الإيمان وما هو مقتضاه من الأعمال الصالحة ، واستأنفوا عمل الإيمان (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) من بعد التوبة (لَغَفُورٌ) لستور عليهم ، محّاء لما كان منهم من الذنب ، وإن عظم كجريمة عبدة العجل ، وكثر كجرائم بني إسرائيل (رَحِيمٌ) منعم عليهم.
(وَلَمَّا سَكَتَ) أي : سكن (عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) في هذا الكلام مبالغة وبلاغة ، من حيث إنّه جعل الغضب الحامل له على ما فعل كالآمر به والمغري عليه ، فقال له : ألق الألواح وجرّ برأس أخيك ، فترك النطق بذلك وقطع الإغراء ، ولهذا عبّر عن سكونه بالسكوت. والمعنى : ولمّا انطفى غضبه.
(أَخَذَ الْأَلْواحَ) الّتي ألقاها (وَفِي نُسْخَتِها) وفيما نسخ فيها ، أي : كتب.
فعلة بمعنى المفعول ، كالخطبة. وقيل : فيما نسخ منها ، أي : من الألواح المنكسرة (هُدىً) دلالة وبيان للحقّ (وَرَحْمَةٌ) إرشاد إلى الصلاح والخير (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) دخلت اللام على المفعول لضعف الفعل بالتأخير ، كما تقول : لك ضربت ، ونحوه : (لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) (١). أو حذف المفعول ، واللام للتعليل ، والتقدير : يرهبون معاصي الله لربّهم.
(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥) وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (١٥٦))
__________________
(١) يوسف : ٤٣.