لهم» ، كقوله : (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١).
(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) المنصوبة في الآفاق والأنفس (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ) بالطبع على قلوبهم وخذلانهم ، فلا يتفكّرون فيها ، ولا يعتبرون بها.
وفي الحديث : «إذا عظّمت أمّتي الدنيا نزع عنها هيبة الإسلام ، وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرمت بركة الوحي».
وقيل : معناه : سأصرفهم عن إبطالها وإن اجتهدوا ، كما اجتهد فرعون في إبطال آية موسى ، فأبى الله إلّا علوّ أمره ، وهلاك فرعون وقومه.
وقوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) صلة «يتكبّرون» أي : يتكبّرون بما ليس بحقّ ، وهو دينهم الباطل. أو حال من فاعله ، يعني : يتكبّرون غير محقّين ، لأنّ التكبّر بالحقّ لله تعالى وحده.
(وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ) من الآيات المنزلة عليهم أو المعجزة (لا يُؤْمِنُوا بِها) لعنادهم واختلال عقولهم ، بسبب انهماكهم في الهوى والتقليد. وهو يؤيّد الوجه الأوّل.
(وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ) الصواب والحقّ (لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) لاستيلاء الشيطنة عليهم. وقرأ حمزة والكسائي : الرّشد بفتحتين.
(وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِ) الضلال (يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ) الصرف (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) بسبب تكذيبهم بآيات الله ، وعدم تدبّرهم لها.
ويجوز أن ينصب لفظة «ذلك» على المصدر ، أي : سأصرف ذلك الصرف بسببهما.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) بحججنا ومعجزات رسلنا (وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) من إضافة المصدر إلى المفعول به ، أو إلى الظرف ، أي : ولقائهم الآخرة ، أو ما وعد الله تعالى في الآخرة (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) لا ينتفعون بها (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) إلّا جزاء أعمالهم.
__________________
(١) الأنعام : ١٢٩.