(وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ). آل الرجل : خاصّته الّذين يؤول أمره إليهم ، وأمرهم إليه.
ومعناه : عاقبنا قوم فرعون (بِالسِّنِينَ) بسنيّ القحط ، أي : بالجدوب والقحوط ، لقلّة الأمطار والمياه. والسنة من الأسماء الغالبة ، كالدابّة والنجم ، غلبت على عام القحط ، لكثرة ما يذكر عنه ويؤرّخ به ، ثمّ اشتقّ منها فقيل : أسنت القوم ، إذا قحطوا.
(وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ) بكثرة الآفات (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) لكي يتنبّهوا على أنّ ذلك بشؤم كفرهم ومعاصيهم فيتّعظوا ، أو ترقّ قلوبهم بالشدائد فيفزعوا إلى الله تعالى ، ويرغبوا فيما عنده.
وعن ابن عبّاس : أنّ السنين كانت لباديتهم وأهل مواشيهم ، وأما نقص الثمرات فكان في أمصارهم.
وعن كعب : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة إلّا تمرة.
قيل : عاش فرعون أربعمائة سنة ، ولم ير مكروها في ثلاثمائة وعشرين سنة ، ولو أصابه في تلك المدّة وجع أو جوع أو حمّى لما ادّعى الربوبيّة.
(فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) من الخصب والسعة (قالُوا لَنا هذِهِ) لأجلنا ، مختصّة بنا ، ونحن مستحقّوها. واللام مثلها في قولك : الجلّ للفرس.
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) من جدب وبلاء (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) يتشاءموا بهم ، ويقولوا هذا بشئومهم : ولو لا مكانهم لما أصابتنا ، كما قال الكفّار لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هذه من عندك. وهذا إغراق في وصفهم بالغباوة والقساوة ، فإنّ الشدائد ـ مع أنّها ترقّق القلوب وتذلّل الطبائع ، سيّما بعد مشاهدة الآيات ـ لم تؤثّر فيهم ، بل زادوا عندها عتوّا وانهماكا في الغيّ.
وإنّما عرّف الحسنة وذكرها مع أداة التحقيق ـ وهي كلمة «إذا» ـ لكثرة وقوعها ، وتعلّق الإرادة بإحداثها بالذات. ونكّر السيّئة وأتى بها مع حرف الشكّ ، لندورها ، وعدم القصد لها إلّا بالتبع.