وقيل : أراد به
قطع طمعهم في العود بسبب التعليق على ما لا يكون ، فإنّ مشيئة الله لعودهم في
الكفر محال خارج عن الحكمة. فهذا من قبيل قوله : (وَلا يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) . وكما قيل :
إذا شاب
الغراب أتيت أهلي
|
|
وصار القار
كاللبن الحليب
|
(وَسِعَ
رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) أي : أحاط علمه بكلّ شيء ممّا كان وما يكون ، فهو يعلم
أحوال عباده كيف تتحوّل ، وقلوبهم كيف تنقلب ، وكيف تقسو بعد الرقّة ، وتمرض بعد
الصحّة ، وترجع إلى الكفر بعد الإيمان. أو علمه أحاط بكلّ ما هو من الحكمة ، وما
هو خارج عنها.
(عَلَى اللهِ
تَوَكَّلْنا) في أن يثبّتنا على الإيمان ، ويخلّصنا من الأشرار ،
ويوفّقنا لازدياد الإيقان. (رَبَّنَا افْتَحْ) أي : احكم (بَيْنَنا وَبَيْنَ
قَوْمِنا بِالْحَقِ) فإنّ الفتاحة الحكومة. أو أظهر أمرنا ، بأن تنزل عليهم
عذابا يتبيّن معه أنّا على الحقّ وأنّهم على الباطل ، ويتميّز المحقّ من المبطل ،
من : فتح المشكل إذا بيّنه. (وَأَنْتَ خَيْرُ
الْفاتِحِينَ) على المعنيين.
(وَقالَ الْمَلَأُ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أي : اشرافهم ، للّذين دونهم يثبّطونهم عن الإيمان (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً) وتركتم دينكم (إِنَّكُمْ إِذاً
لَخاسِرُونَ) لاستبدالكم ضلالته بهداكم. أو لفوات ما يحصل بالبخس
والتطفيف ، لأنّه ينهاكم عنهما ، ويحملكم على الإيفاء والتسوية. وهو سادّ مسدّ
جواب الشرط والقسم الموطّأ باللام.
(فَأَخَذَتْهُمُ
الرَّجْفَةُ) الزلزلة. وفي سورة الحجر : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) .
ولعلّها كانت
من مباديها. (فَأَصْبَحُوا فِي
دارِهِمْ) أي : في مدينتهم (جاثِمِينَ) ميّتين لا حراك لهم.
__________________