مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) الاستفهام في معنى الإنكار ، أي : لا أحد أظلم ممّن كذب على الله فزعم أنّه بعثه نبيّا ، كمسيلمة والأسود العنسي ، أو اختلق عليه أحكاما ، كعمرو بن لحى ومتابعيه.
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «رأيت فيما يرى النائم كأنّ في يديّ سوارين من ذهب ، فكبرا عليّ وأهمّاني ، فأوحى الله إليّ أن أنفخهما ، فنفختهما فطارا عنّي ، فأوّلتهما الكذّابين اللّذين أنا بينهما ، كذّاب اليمامة مسيلمة ، وكذّاب صنعاء الأسود العنسي».
(أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) كعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان يكتب لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان إذا أملى عليه : سميعا عليما ، كتب هو : عليما حكيما. ولمّا نزلت : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) فلمّا بلغ قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (١)
قال عبد الله : تبارك الله أحسن الخالقين ، تعجّبا من تفصيل خلق الإنسان. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اكتبها ، فكذلك نزلت. فشكّ عبد الله وقال : لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إليّ كما أوحي إليه ، ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال. فارتدّ عن الإسلام ولحق مكّة ، ثمّ رجع مسلما قبل فتح مكّة. وقيل : هو النضر بن الحارث ، أو المستهزؤن.
(وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) كالّذين قالوا : لو نشاء لقلنا مثل هذا.
(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ) اللام للعهد. وهم الّذين مرّ ذكرهم من اليهود المتنبّئة. وحذف مفعول «ترى» لدلالة الظرف عليه ، أي : ولو ترى الظالمين (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) شدائده وسكراته. وأصل الغمر ما يغمر الأشياء ، من : غمره الماء إذا؟؟؟ ، فاستعيرت للشدّة الغالبة.
(وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) بقبض أرواحهم ، كالمتقاضي المسلّط ، أو
__________________
(١) المؤمنون : ١٢ ـ ١٤.