(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) قرأ عاصم وحمزة والكسائي بالرفع ، على أنّه كلام مبتدأ. ويؤيّده قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر مرفوعا بغير واو ، على أنّه جواب قائل يقول : فما ذا يقول المؤمنون حينئذ؟ وقرأ أبو عمرو ويعقوب بالنصب عطفا على «أن يأتي» باعتبار المعنى ، وكأنّه قال : عسى أن يأتي الله بالفتح ويقول الّذين آمنوا. أو على الفتح ، أي : عسى الله أن يأتي بالفتح وبأن يقول المؤمنون ، فإنّ الإتيان بما يوجب القول كالإتيان بالقول.
(أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) أي : أنّهم مؤمنون ، ومعكم في معاونتكم على أعدائكم ونصرتكم. يعني : يقوله المؤمنون بعضهم لبعض ، تعجّبا من حال المنافقين ، وإظهارا لسرورهم وبهجتهم بما منّ الله عليهم من الإخلاص. أو يقول المؤمنون لليهود ، فإنّ المنافقين حلفوا لهم بالمعاضدة ، كما حكى الله تعالى عنهم : (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ) (١).
وجهد الأيمان أغلظها. وهو في الأصل مصدر. ونصبه على الحال على تقدير : وأقسموا بالله يجهدون جهد أيمانهم ، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه ، ولذلك ساغ كونها معرفة. أو على المصدريّة ، لأنّه بمعنى : أقسموا.
وقوله : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) إمّا من جملة المقول ، أو من قول الله تعالى شهادة لهم بأنّ أعمالهم بطلت وضاعت ، لأنّهم أوقعوها على خلاف الوجه المأمور به ، وبطل ما أظهروه من الايمان ، لأنّه لم يوافق باطنهم ظاهرهم ، فلم يستحقّوا به الثواب (فَأَصْبَحُوا) فصاروا (خاسِرِينَ). فيه معنى التعجّب ، كأنّه قيل : ما أحبط أعمالهم! وما أخسرهم في الدنيا والآخرة!!
__________________
(١) الحشر : ١١.