إسرائيل ، ولذلك قال : (كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) (١). والأوّل أكثر وأشهر وأصحّ.
والمعنى : اتل على بني إسرائيل نبأهما تلاوة ملتبسة (بِالْحَقِ) والصدق.
ويحتمل أن يكون حالا من الضمير في «اتل» أو من «نبأ» أي : ملتبسا بالصدق موافقا لما في كتب الأوّلين.
(إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) ظرف لـ «نبأ» ، أو حال منه ، أو بدل على حذف مضاف ، أي : أتل عليهم نبأهما نبأ ذلك الوقت. والقربان : اسم ما يتقرّب به إلى الله تعالى من ذبيحة أو غيرها ، كما أنّ الحلوان اسم ما يحلى ، أي : يعطى. وهو في الأصل مصدر ، ولذلك لم يثنّ. وقيل : تقديره : إذ قرّب كلّ واحد قربانا.
وروي أنّ قابيل كان صاحب زرع وقرّب أردأ قمح عنده ، وهابيل صاحب ضرع وقرّب جملا سمينا.
(فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) وهو هابيل (وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) هو قابيل : لأنّه سخط حكم الله ، ولم يخلص النيّة في قربانه ، وقصد إلى أخسّ ما عنده (قالَ) أي : قال الّذي لم يتقبّل قربانه منهما ـ وهو قابيل ـ للّذي تقبّل قربانه وهو هابيل : (لَأَقْتُلَنَّكَ) توعّده بالقتل ، لفرط الحسد له على تقبّل قربانه ، ولذلك (قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) في جوابه ، كأنّه قال له : لم تقتلني؟ قال : لأنّه تقبّل منك ، ولم يتقبّل منّي. قال : إنّما أتيت من قبل نفسك ، لانسلاخها من لباس التقوى ، لا من قبلي فلم تقتلني؟
قيل : إنّ سبب أكل النار للقربان أنّه لم يكن هناك فقير يدفع إليه ما يتقرّب به إلى الله تعالى ، فكانت تنزل نار من السماء فتأكله.
وعن إسماعيل بن رافع : أنّ قربان هابيل كان يرتع في الجنّة حتى فدي به ابن إبراهيم.
وفي الآية دليل على أنّ الله إنّما يتقبّل الطاعة ممّن هو زكيّ القلب متّق ، وأنّ
__________________
(١) المائدة : ٣٢.