وفلسطين وبعض الأردن. وقيل : الشام. (الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) أي : قسّمها لكم ، أو كتب في اللوح المحفوظ أنّها تكون مسكنا لكم ، ولكن إن آمنتم وأطعتم ، لقوله لهم بعد ما عصوا : (فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) (١).
(وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ) ولا ترجعوا مدبرين خوفا من الجبابرة. قيل : لمّا سمعوا حالهم من النقباء بكوا وقالوا : ليتنا متنا بمصر ، تعالوا نجعل علينا رأسا ينصرف بنا إلى مصر. أو لا ترتدّوا عن دينكم بعصيانكم نبيّكم ومخالفتكم أمر ربّكم. (فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) ثواب الدنيا والآخرة. ويجوز في «فتنقلبوا» الجزم على العطف ، والنصب على الجواب.
(قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) متغلّبين لا تتأتّى مقاومتهم. والجبّار فعّال من : جبره على الأمر بمعنى : أجبره ، وهو العاتي الّذي يجبر الناس على ما يريد.
قال ابن عبّاس : لمّا بعث من قومه اثني عشر نقيبا ليخبروه خبرهم ، رآهم رجل من الجبّارين يقال له عوج ، فأخذهم في كمّه مع فاكهة كان حملها من بستانه ، وأتى بهم الملك ، فنثرهم بين يديه ، وقال الملك تعجّبا منهم : هؤلاء يريدون قتالنا! فقال الملك ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا. قال مجاهد : وكان فاكهتهم لا يقدر على حمل عنقود منها خمسة رجال بالخشب ، ويدخل في قشر نصف رمّانة خمسة رجال ، وإنّ موسى كان طوله عشرة أذرع ، وله عصا كان طولها عشرة أذرع ، ونزا (٢) من الأرض مثل ذلك ، فبلغ كعب عوج بن عناق فقتله. وقيل : كان طول سريره ثمانمائة ذراع.
(وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) إذ لا طاقة
__________________
(١) المائدة : ٢٦.
(٢) نزا ينزو ، أي : وثب.