المسلمين والمعاهدين ، فقال : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) وما صحّ له ، وليس من شأنه (أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) بغير حقّ (إِلَّا خَطَأً) فإنّه على عرضته. ونصبه على الحال أو المفعول له ، أي : لا يقتله في شيء من الأحوال إلّا حال الخطأ ، أو لا يقتله إلّا للخطأ. أو على أنّه صفة مصدر محذوف ، أي : إلّا قتلا خطأ من غير قصد ، بأن يرمي شخصا على أنّه كافر فيكون مسلما ، أو كان يريد شيئا فيصيب غيره ، مثل أن يرمي إلى غرض أو إلى صيد فيصيب إنسانا فقتله. وقيل : «ما كان» نفي في معنى النهي ، والاستثناء منقطع ، أي : لكن إن قتله خطأ فجزاؤه ما قال عزّ اسمه.
(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أي : فعليه تحرير رقبة. والتحرير الاعتاق ، والحرّ كالعتيق بمعنى الكريم ، ومنه حرّ الوجه لأكرم موضع منه ، سمّي به لأنّ الكرم في الأحرار. والرقبة عبّر بها عن النسمة كما عبّر عنها بالرأس.
(مُؤْمِنَةٍ) محكوما بإيمانها وإن كانت صغيرة (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ) مؤدّاة إلى ورثته يقتسمونها كسائر المواريث. وكميّة الدية وكيفيّتها جنسا ووصفا مذكورتان في كتب الفقه. والدية على عاقلة القاتل.
(إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) أي : يتصدّق أولياء المقتول بالدية. ومعناه العفو. وسمّي العفو عنها صدقة حثّا عليه ، وتنبيها على فضله. وفي الحديث : «كلّ معروف صدقة». وهو متعلّق بـ «عليه» ، أو بـ «مسلّمة» أي : تجب الدية عليه ، أو يسلّمها إلى أهله ، إلّا حال تصدّقهم عليه أو زمانه. فهو في محلّ النصب على الحال أو الظرف.
(فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) أي : من قوم كفّار محاربين ، أو في تضاعيفهم ، ولم يعلم إيمانه (وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) فعلى قاتله الكفّارة دون الدية ، إذ لا وراثة بينه وبينهم ، لأنّهم محاربون.
(وَإِنْ كانَ) المقتول (مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) من قوم كفرة معاهدين ، أو أهل الذمّة ، فحكمه حكم المسلم (فَدِيَةٌ) فعلى عاقلة قاتله دية