.................................................................................................
______________________________________________________
الترتيب بالبدأة برمي سبع حصيات على الجمرة الاولى ثم الثانية والثالثة ، وليس بإزائها ما يخالفها إلّا ما دل على الاكتفاء بحصول الترتيب بأربع حصيات ثم إتمامها وعدم لزوم الاستئناف ، ومن الواضح أن الصحاح الدالة على الاكتفاء تسأل عن حكم من فعل ذلك وصدر منه لا عن جواز هذا الفعل وعدمه ، فالسؤال عن الفعل الواقع وأنه بعد ما صدر منه هذا الفعل ما هو وظيفته ، وليس السؤال ناظراً إلى جواز ارتكاب هذا الفعل وعدمه نظير حديث لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة (١) فإنه يدل على أنه إذا صدر منه هذه الأُمور الخمسة لا تجب عليه الإعادة ، ولا يدل على جواز الاكتفاء بذلك ابتداء ولا على جواز ترك القراءة وترك التشهد اختياراً ، فلا يشمل من ترك القراءة متعمداً ، وإنما يختص بمن أتى بالفعل ناقصاً ، فالحكم بعدم وجوب الإعادة حكم وبيان لما بعد العمل ، لا أنه حكم لجواز العمل ، وهكذا المقام ، فان الروايات الدالة على الاكتفاء بالأربع تدل على أن من رمى أربع حصيات ثم رمى الثانية والثالثة لا تجب عليه الاستئناف ، ويكتفي بالإتمام سبعاً بأن يرمي ثلاث حصيات أُخر ، ولا تدل على جواز الرمي بأربع حصيات ابتداء ، ولا أقل من عدم ظهور هذه النصوص في العامد وجواز الارتكاب ابتداء ، فأدلة الترتيب محكّمة ومقتضاها تأخر رمي اللّاحقة عن الرمي بتمامه عن السابقة إلّا في صورة النسيان فيكتفى في حصول الترتيب برمي أربع على السابقة.
ويؤكد ذلك : أن معاوية بن عمار هو الذي روى وجوب الترتيب بين رمي الجمار فكيف يسأل مرة أُخرى عمن ترك الترتيب وهو يعلم بالترتيب ويعلم بأن الرمي لا بدّ أن يكون بسبع حصيات ، فإن السائل عن هذه الأُمور في هذه النصوص إنما هو شخص واحد وهو معاوية بن عمار. على أنه يبعد جدّاً وقوع الرمي بأربع حصيات متعمداً عن الذي يعلم باعتبار سبع حصيات. هذا كله بالنسبة إلى عدم شمول النص للعامد.
ثم إن في المقام قرينة أيضاً على عدم شموله للجاهل واختصاصه بالناسي وهي : أن
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨.