.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا مكانها ، فيجب أن يكون عند مقام إبراهيم (عليه السلام) لقوله تعالى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) (١) وللأخبار (٢).
ثم إن الظاهر من صحيح معاوية بن عمار (٣) أن تكون الصلاة خلف المقام لقوله (عليه السلام) : «تجعله اماماً» سواء قرئ بالفتح أو بالكسر ، فلا بد أن يكون المقام قدّامه ، وعليه فلا تجوز الصلاة عن يمينه أو يساره ، وإن ذهب بعضهم إلى جواز ذلك بدعوى أن المراد بالآية قرب المقام وهو صادق على جميع الأطراف ، ولكن يردّه صحيح معاوية الآمر بجعله قدامه.
فالمتحصل : أنه لا ريب في وجوب إتيان الصلاة خلف المقام ، بأن يجعله قدّامه حسب الروايات.
وأمّا الآية الكريمة (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) ففيها احتمالان :
أحدهما : أن يراد من المقام نفس الحجر الذي قام عليه إبراهيم (عليه السلام) وبنى الكعبة المقدّسة كما يظهر من بعض الأخبار ، وهذا الاحتمال بعيد ، إذ من الواضح أن اتخاذ الحجر مقاماً ومصلى ومكاناً للصلاة أمر متعذر لصغر الحجر وعدم إمكانه مكاناً للصلاة (٤) فلا بدّ من الالتزام بشيء من العناية ، بأن يدعى أن المراد من اتخاذه مصلّى اتخاذ جوانبه وأطرافه وما يقرب منه مصلى ، سواء كان خلفه أو أحد جانبيه.
ثانيهما : أن يراد من المصلى جعل المقام والحجر قدامه وأمامه ، بأن يصلي إليه ويستقبله ، وعلى كلا المعنيين إنما تجب الصلاة قريبة من المقام سواء كانت خلفه أو إلى أحد جانبيه فلا يجوز الابتعاد عنه ، وهذا الاحتمال هو المتعين استناداً إلى روايتين معتبرتين دلّتنا على إيقاع الصلاة خلف المقام وجعله إماماً ، مضافاً إلى دلالتهما على الصلاة قرب المقام :
الاولى : معتبرة إبراهيم بن أبي محمود ، قال : «قلت للرضا (عليه السلام) : أُصلي
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٢٥.
(٢) الآتية قريباً.
(٣) المتقدِّمة في الصفحة السابقة.
(٤) العبارة لا تخلو من ركاكة.