.................................................................................................
______________________________________________________
الإهداء فيدل عليه قوله تعالى (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) (١). بناء على أن القانع والمعتر لم يعتبر فيهما الفقر كما عن أهل اللغة (٢) فإنهم فسروا القانع بالذي يرضى ويقتنع إذا اعطي ، والمعتر بالمتوقع الذي يعتري ويتعرّض ولا يسأل وهو أغنى من القانع كالأهل والجوار الذين يتوقعون من شخص وإن لم يكونوا فقراء ولم يأخذوا فيهما الفقر ، وظاهر تفسيرهم عدم اعتبار الفقر فيهما ، فهما في قبال الفقير ويصدقان على الغني أيضاً. ويؤكده جعل المساكين في قبالهما في بعض الروايات المعتبرة كصحيحة سيف الآتية ، فنفس الآية الكريمة متكفلة للتقسيم الثلاثي بين الصدقة والإهداء والأكل.
نعم ، لو قلنا بمقالة المشهور وأن القانع والمعتر قسمان من الفقير لا قسيمان له ، فلا دلالة في الآية على وجوب الإهداء ، فيثبت كلام ابن إدريس وغيره من الاكتفاء بالتصدق والأكل ، ولكن الظاهر هو القول المشهور إذ لم يثبت أخذ عنوان الفقر في القانع والمعتر.
الثالث : بعد الفراغ من لزوم التقسيم الثلاثي فهل يجب التثليث بالنسبة المتساوية بأن يتصدّق بالثلث ويهدي ثلثاً كاملاً ويأكل من الثلث الباقي ، أم اللّازم مجرّد التقسيم الثلاثي ولو بالتفاوت وبزيادة بعض الحصص على حصة أُخرى؟
ظاهر المشهور هو التقسيم الثلاثي بالنسبة المتساوية كما في الشرائع (٣) واختاره صاحب الجواهر (٤). وربما يقال بأن ذلك لا يستفاد من الآية ، فإن المستفاد منها هو التقسيم إلى جهات ثلاث ، وأمّا كون الحصص متساوية فلا تدلّ عليه الآية ، فالتفاوت بينها جائز.
ولكن المحكي عن جماعة ومنهم الأردبيلي (قدس سره) (٥) أنه يلزم التساوي في الحصص فيعطى لكل طائفة ثلث منه ، إلّا أنه لم يرد فيه رواية مصرحة بذلك في هدي
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٣٦.
(٢) القاموس المحيط ٣ : ٧٦ ، ٢ : ٨٧.
(٣) الشرائع ١ : ٢٩٨.
(٤) الجواهر ١٩ : ١٥٧.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان ٧ : ٢٨٦ ،