.................................................................................................
______________________________________________________
وقد يقال : إن حديث رفع النسيان كما يرفع الحكم التكليفي يرفع الحكم الوضعي ولا يختص الرفع بالحكم التكليفي ، بل يشمل كل ما تناله يد الجعل تكليفاً ووضعاً والجزئية والشرطية والمانعية من الأحكام الشرعية الوضعية ، فإذا كانت جزئية شيء لشيء منسية أو شرطيته له أو مانعيته له ، تكون مرفوعة بحديث رفع النسيان ، فاذا كانت الجزئية مرفوعة أو الشرطية أو المانعية فطبعاً يحكم بصحة الباقي ، لأن هذا الجزء المنسي ليس بجزء في حال النسيان أو أنه ليس بشرط أو ليس بمانع ، فلا موجب للحكم بفساد الباقي ، ولذا نحكم بصحة الصلاة في صورة الجهل بوجوب جزء من أجزائها كالسورة ونحوها من الأجزاء غير الركني.
والجواب : أن الأمر وإن كان كذلك وأن الرفع لا يختص بالأحكام التكليفية بل يرفع الأحكام الوضعية أيضاً ، لأن أمرها بيد الجاعل المقدس وضعاً ورفعاً ، ولكن الجزئية والشرطية والمانعية ليست من المجعولات الابتدائية ولا تنالها يد الجعل ابتداء ولا يمكن أن يقال ابتداء أن الشيء الفلاني جزء أو شرط أو عدمه مانع لأمر آخر ، وإنما هذه الأُمور الثلاثة انتزاعية من الأمر بالمركب من شيء وشيء آخر أو من الأمر المقيد بشيء آخر أو من المقيد بعدم الشيء الآخر ، فإذا أمر المولى بشيء منضماً إلى شيء آخر ينتزع من ذلك الجزئية ، وإذا أمر بشيء مقيداً بشيء آخر ينتزع من ذلك الشرطية ، وإذا أمر بشيء مقيداً بعدم شيء آخر ينتزع منه مانعية ذلك الشيء فالجزئية والشرطية والمانعية لا تنالها يد الجعل ابتداء إلّا بجعل المركب من أُمور أو المقيد بشيء أو المقيد بعدم شيء ، فلو قيل بأن السورة ليست واجبة عند الضيق معناه أن السورة ليست بجزء ، أو إذا قيل إن الشيء الفلاني غير شرط للصلاة معناه أن الأمر لم يتقيّد بذلك ، وإذا قيل بأنّه غير مانع عن الواجب معناه أنّ الأمر بالواجب لم يتقيّد بعدمه وإلّا فالجزئية والشرطية والمانعية في نفسها غير قابلة للجعل ، فمعنى الرفع للجزء المنسي أنه في حال النسيان لم يأمر بالمركب منه ومن غيره ولم يأمر بالمقيد منه فالأمر بالنسبة إلى المركب منه ومن غيره ساقط غير مجعول ، وأمّا أن الباقي له الأمر فحديث الرفع لا يتكفله ويحتاج إلى دليل آخر.