.................................................................................................
______________________________________________________
فعلى الأوّل : تجري الفضوليّة في المقام ويكون التمليك الصادر من الفضولي المقرون بقبول الفقير والملحوق بإجازة المالك كافياً وإن كان عارياً عن النصّ الخاصّ ، بخلاف الثاني.
هذا ، وقد ذكرنا في محلّه أنّ الأوّل هو الأظهر والأوفق بالصناعة ، نظراً إلى أنّ الخطاب في قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ونحوه من أدلّة اللزوم متوجّه إلى من كان العقد مضافاً ومستنداً إليه ، ويكفي في تحقّق الاستناد وحصول الإضافة الإجازة اللّاحقة ، فإنّها تجعل العقد الصادر من الفضولي منسوباً إلى المالك بقاءً وإن لم يكن كذلك حدوثاً ، ولا فرق بين الحدوث والبقاء من هذه الجهة ، فالإجازة اللّاحقة بمثابة الوكالة السابقة في صحّة استناد العقد وإضافته إلى المالك المجيز حقيقةً ، فلا جرم يكون مشمولاً لدليل وجوب الوفاء بالعقد. وعلى ذلك ، فجريان الفضوليّة في المقام وبراءة الذمّة عن الزكاة بدفع الفضولي المتعقّب بالإجازة مطابق لمقتضى القاعدة.
فإن قلت : يمتاز المقام عن سائر موارد الفضولي بخصوصيّةٍ من أجلها يحكم بالفساد ، وهي أنّ الصادر من الفضولي في سائر المقامات ليس إلّا مجرّد إنشاء العقد على مال الغير ، وهو لا يعدّ تصرّفاً في ملكه فلا ضير فيه ، وأمّا في المقام فالدفع من مال الغير إلى الفقير فضولاً تصرّف في ملكه بغير إذنه وهو محرّم فيكف يقع أداءً للزكاة التي هي أمر عبادي؟! قلت أوّلاً : إنّ هذا أخصّ من المدّعى ، لجواز غفلة الفضولي عن الحرمة أو اعتقاده الوكالة ، ولا سيّما إذا كان مسبوقاً بها وقد عزله الموكّل ولكنّه نسي العزل ، فلا تكون الحرمة سارية في جميع فروض المسألة.
وثانياً : إنّ الدفع الصادر من الفضولي وإن كان محرّماً إلّا أنّه لا يقع مصداقاً
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.