الثامن : ابن السبيل ، وهو المسافر الذي نفدت نفقته أو تلفت راحلته بحيث لا يقدر معه على الذهاب (١).
______________________________________________________
الدفع لهم من هذا السهم تكثيراً للحجّاج وتعظيماً لشعائر الإسلام ، بل الظاهر أنّ الأمر كذلك حتّى لو استطاعوا وتمكّنوا ولكنهم لا يقدمون إلّا بهذا الوجه كما أُفيد في المتن ، وذلك بعين المناط المتقدّم ، وقد عرفت عدم شمول قوله : «لا تحلّ الصدقة لغني» لمثل ذلك ، فإنّ الممنوع هو التمليك والإنفاق على حذو الإعطاء للفقير ، أمّا هنا فيعطى للغني ليصرفه في جهة خاصّة لا أنّه يملكه ليتصرّف به كيفما شاء.
وبالجملة : ما هو مناط الجواز وهو الحاجة إلى صرف الزكاة موجود هنا أيضاً فلا يشمله ذاك الدليل.
وملخّص الكلام : أنّ العبرة بالحاجة إلى الصرف في جهة خاصّة من الحجّ أو الجهاد ونحوهما ، لا بحاجة المعطى له ، كما لو احتاجت البلدة إلى المسجد أو القنطرة مثلاً أو أنّ المحافظة على بيضة الإسلام استدعت بعث المسلمين إلى الحجّ أو إلى الدفاع عن بلادهم ، فإنّه لا عبرة في هذه الموارد بحاجة الأشخاص بل بحاجة الجهة نفسها ، فإن احتاجت جاز الصرف من سهم سبيل الله ، وإلّا فلا.
(١) فلا يعمّ مطلق المسافر الذي لا مال له ، بل يختصّ بغير القادر على الذهاب إلى وطنه لنفاد زاده أو راحلته بحيث يصدق عليه المحتاج. وهذا هو المشهور في تعريفه حيث فسّروه بالمنقطع.
ويمكن الاستدلال له مضافاً إلى أنّ ذلك هو مقتضى حكمة التشريع لما تقدّم من أنّ الزكاة إنّما شرّعت لرفع الحاجة وسدّ الخلة ، أنّه لا يبعد القول بأنّ الاحتياج مأخوذ في نفس المفهوم ، حيث يستفاد من إضافة الابن إلى السبيل كنظائر هذا التعبير ، مثل : ابن البطن ، ابن الوقت نوع اختصاص وملازمة بين