بانسحاب مالك من ساحة الحرب ، واستجاب الأشتر لأمر الإمام (عليه السّلام) ، فقفل راجعاً وقد تحطّمت قواه ، وقال ليزيد الذي كان رسول الإمام : ألرفع هذه المصاحف؟ ـ يعني حدثت هذه الفتنة ـ [فقال :] نعم.
وعرف الأشتر مكيدة ابن العاص فقال : أما والله لقد ظننت أنّها حين رفعت ستوقع اختلافاً وفرقة ، إنّها مشورة ابن العاهرة. ألا ترى إلى الفتح؟ ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟!
وأحاطه يزيد علماً بحراجة الموقف ، والأخطار الهائلة التي تحفّ بالإمام قائلاً : أتحبّ أنّك إنْ ظفرت هاهنا ، وأنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) بمكانه الذي هو به يفرج عنه ويسلّم إلى عدوه؟! فقال الأشتر مقالة المؤمن : سبحان الله! لا والله ما اُحبّ ذلك. [قال :] فإنّهم قالوا : لترسلنّ إلى الأشتر فليأتينّك ، أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا ابن عفان ، أو لنسلمنّك إلى عدوّك.
وقفل الأشتر راجعاً وقد استولى الحزن على إهابه ، فقد ذهبت آماله أدراج الرياح ، فتوجّه نحوهم يلومهم ويعنّفهم ، ويطلب منهم أن يخلّوا بينه وبين عدوهم ، فقد أشرف على النصر والفتح. ولمْ يذعن اُولئك الممسوخون لمقالة الأشتر ، فقد أصروا على الذلّ والوهن قائلين له :
«لا لا».