معاوية ، وضمنوا له تسليم الإمام (عليه السّلام) أسيراً ، أو اغتياله متى رغب وشاء (١) ، وأقضَّ ذلك مضجع الإمام (عليه السّلام) ، فخاف أنْ يؤسر ويُسلّم إلى معاوية فيمنّ عليه ، ويسجّل بذلك يداً لبني اُميّة على الأُسرة النّبوية ، كما كان (عليه السّلام) يتحدّث بذلك بعد إبرام الصلح.
وعمد أجلاف أهل الكوفة إلى نهب أمتعة الإمام (عليه السّلام) وأجهزته ، فنزعوا بساطاً كان جالساً عليه ، كما سلبوا منه رداءه (٢).
هذه بعض الأحداث الرهيبة التي قام بها ذلك الجيش الذي تمرّس في الخيانة والغدر.
ووقف الإمام الحسن (عليه السّلام) مِن هذه الفتن السود موقف الحازم اليقظ ، الذي تمثّلت فيه الحكمة بجميع رحابها ومفاهيمها ، فرأى أنّه أمام أمرين :
١ ـ أنْ يفتح باب الحرب مع معاوية ، وهو على يقين لا يخامره أدنى شك أنّ الغلبة ستكون لمعاوية ؛ فإمّا أنْ يُقتل هو وأصحابه وأهل بيته الذين يمثّلون القيم الإسلامية ، ويخسر الإسلام بتضحيتهم قادته ودعاته مِن دون أنْ تستفيد القضية الإسلامية أيّ شيء ؛ فإنّ معاوية بحسب قابلياته الدبلوماسية يحمّل المسؤولية على الإمام (عليه السّلام) ، ويُلقي على تضحيته ألف حجاب ، أو أنّه يؤسر فيمنّ عليه معاوية فتكون سيئة على بني هاشم ، وفخراً لبني اُميّة.
٢ ـ أنْ يصالح معاوية فيحفظ للإسلام رجاله ودعاته ، ويبرز في
__________________
(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ٢ / ١٠٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي.