أنف مَنْ رغم (١).
ورعف الطاغية على المنبر فألقى إليه رجل عمامة فمسح بها دمه ، فقال رجل مِنْ خثعم : دمٌ على المنبر في عمامة فتنة عمّت وعلا ذكرها وربّ الكعبة (٢). وقد اُثر عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : «ليرعفنَّ على منبري جبّار مِن جبابرة بني اُميّة فيسيل رعافه» (٣).
وعزم الأشدق على مقابلة الجبهة المعارضة بالقوة والبطش ، وقد حفّزه إلى ذلك ما حلّ بسلفه الوليد مِن الإقصاء وسلب الثقة عنه ؛ نتيجة تساهله مع الحُسين (عليه السّلام).
ولعلّ مِنْ أوثق الأسباب التي دعت الإمام الحُسين (عليه السّلام) إلى مغادرة الحجاز هو الحذر مِنْ بطش هذا الطاغية به ، والخوف مِنْ اغتياله وهو في الحرم.
وكان عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر مقيمين في مكّة حينما أقبل الإمام الحُسين إليها ، وقد خفّا لاستقباله والتشرّف بخدمته وكانا قد عزما على مغادرة مكّة.
فقال له ابن عمر : أبا عبد الله ، رحمك الله ، اتّقِ الله الذي إليه معادك ، فقد عرفت مِنْ عداوة أهل هذا البيت ـ يعني بني اُميّة ـ لكمْ ، وقد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية ولستُ آمن أنْ يميلَ الناس إليه ؛ لمكان هذه الصفراء
__________________
(١) تاريخ الإسلام ـ الذهبي ٢ / ٢٦٨.
(٢) سمط النجوم العوالي ٣ / ٥٧.
(٣) مجمع الزوائد ٥ / ٢٤٠.