ـ لو تعلم لمَنْ نريده لأحسنت بيعتاً.
ـ لمَنْ تريده؟
ـ لأُمّك.
ـ لقد تركت أُمّي في بيتها قاعدة ما تريد براحاً.
ـ إنّما اُريده لأُمّ المؤمنين عائشة.
ـ هو لك خذه بغير ثمّن.
ـ ارجع معنا إلى الرحل فلنعطك ناقة مهرية ، ونزيدك دراهم.
فقفل معهم فأعطوه الناقة وأربعمئة درهم ، أو ستمئة درهم ، وقُدّم العسكر إلى عائشة فاعتلت عليه (١) ، وقد أصبح كعجل بني إسرائيل ؛ فقُطّعت الأيدي ، وأُزهقت الأنفس ، وأُريقت الدماء مِنْ حوله.
وسارت قافلة عائشة فاجتازت على مكان يُقال له (الحوأب) ، فتلقّت الركب كلاب الحيّ بهرير وعواء ، فذعرت عائشة ، فالتفتت إلى مُحمّد بن طلحة فقالت له : أي ماء هذا يا مُحمّد؟
ـ ماء الحوأب يا أُمّ المؤمنين.
فهتفت وهي تلهث : ما أراني إلاّ راجعة.
ـ لِمَ يا أُمّ المؤمنين؟!
ـ سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول لنسائه : «كأنّي بإحداكن قد نبحتها
__________________
(١) ابن الأثير ٣ / ١٠٧ ، تاريخ الطبري ٣ / ٤٧٥ ، تذكرة الخواصّ.