إنّه جعل على جميع المفارق ورؤوس المنازل عيوناً مِنْ عسكره ، كما عيّن في البرّ نقاطاً ومسالح ترصد جميع الحركات ، وقد بعث الحُصين بن نمير رئيس شرطته إلى القادسية ومنها إلى خفان ثمّ إلى القطقطانية وجبل لعلع ، ورتّب في كلّ مكان جماعة مِن الفرسان والخيّالة ؛ لتفتيش الداخل والخارج.
وقد حفظت هذه الإجراءات تلك المناطق مِن الاشتراك بأيّ عمل ضدّ الدولة ، كما حفظت خطوط المواصلات بين الكوفة والشام ، وقد ألقت الشرطة القبض على مسهر الصيداوي رسول الإمام الحُسين إلى الكوفة وبعثته مخفوراً إلى ابن زياد ، وسنذكر حديثه في البحوث الآتية :
وقام ابن زياد بحملة اعتقالات واسعة النطاق في صفوف الشيعة. فاعتقل منهم فيما يقول بعض المؤرّخين اثني عشر ألفاً (١) ، وكان مِنْ بين المعتقلين سليمان بن صرد الخزاعي والمختار بن يوسف الثقفي وأربعمئة مِنْ الأعيان والوجوه (٢).
وقد أثارث هذه الإجراءات عاصفة مِن الفزع والهلع لا في الكوفة فحسب وإنّما في جميع أنحاء العراق ، وقد ابتعد الكوفيون عن التدخّل في أيّة مشكلة سياسية ، ولمْ تبدِ منهم أيّة حركة مِنْ حركات المعارضة وأيقنوا أنْ لا قدرة لهم على الإطاحة بالعرش الاُموي ، وظلّوا قابعين تحت وطأة سياطه القاسية.
__________________
(١) المختار ، مرآة العصر الاُموي / ٧٤ ـ ٧٥.
(٢) الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء ١ / ١٠٩.