لقد استهان بجميع ما يعانيه في سبيل إحقاق الحقّ وإعلاء كلّمة الله في الأرض.
ـ ٧ ـ
وفجّر الإمام (عليه السّلام) ثورته الكبرى التي أوضح الله بها الكتاب ، وجعلها عبرةً لاُولي الألباب ، وهي بجميع مخطّطاتها جزءٌ مِنْ رسالة الإسلام ، وامتداد مشرق لثورة الرسول الأعظم ، وتجسيد حي لأهدافه وآماله ، ولولاها لذهبت جهود النّبي (صلّى الله عليه وآله) وضاعت آماله ، ولمْ يبقَ للإسلام أثر ولا عين.
لقد انتصر الإمام الحُسين (عليه السّلام) وفتح الله له الفتح المبين ؛ فقد أشرقت سماء الإسلام بثورته الخالدة ، وتفاعلت تضحيته مع مشاعر الناس وعواطفهم وامتزجت بقلوبهم ، وأصبحت أعظم مدرسة للإيمان بالله ؛ تبث روح العقيدة والفداء في سبيل الحقّ والعدل ، وتغذّي الناس بالقيم الكريمة والمُثل العُليا ، وتعمل على توجيههم نحو الخير ، وتهديهم إلى سواء السّبيل.
لقد أقبل الناس بلهفة على مأساة أبي الأحرار ، وهم يمعنون النظر في فصولها ، ويقتبسون منها أروع الدروس عن الكرامة والتضحية ، والبطولات الخارقة والعزّة التي لا يلويها الظلم والجور. إنّ الإنسانية لتنحني إجلالاً وإكباراً للإمام العظيم الذي رفع راية الحقّ عالية خفاقة ، وتبنّى حقوق المظلومين ، ودافع عن مصالح المضطهدين ...
وإنّها لتمجّد ذكره أكثر ممّا تمجّد أي مصلح اجتماعي في الأرض ، وقد أحرز الإمام العظيم بذلك مِن النصر ما لمْ يحرزه غيره مِن المصلحين في العالم.