مِن الوعي والإدراك بحيث تؤدي إلى النتائج المشرقة التي منها انتصار القضية الإسلامية ، وإعادة الحياة الدينية إلى شرايين الأُمّة ، وإزالة التخدير الذي بسطه الاُمويّون على جميع أجزائه. وقد أعلن (سلام الله عليه) ما صمّم عليه ، وأذاع فصول مأساته الخالدة في كثير مِن المناسبات ، وهذه بعضها :
١ ـ أدلى بمصرعه ـ وهو بمكّة ـ في خطابه الذي أعلن فيه الثورة على بني أُميّة ، فقد جاء فيه : «وخُيّر لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تُقطّعها عسلان الفلوات بين النّواويس وكربلاء ...». أليس في هذا الكلام دلالة على روعة العزم والتصميم على التضحية؟ أليس فيه إخبار جازم عن مصرعه الكريم ، وأنّه في كربلاء؟ فهي التي تحظى بمواراة جثمانه الطاهر ، كما أذاع ذلك جدّه وأبوه مِنْ قبل.
٢ ـ وأعلن الإمام العظيم المآسي الأليمة ، والخطوب المفجعة التي تحلّ بأهل بيته مِن القتل والسبي والأسر ، وذلك حينما أشار عليه ابن عباس بأنْ لا يحمل معه مخدّرات النّبوّة وعقائل الوحي إلى العراق ، ويتركهن في يثرب حتّى تستقيم له الاُمور ، فأجابه الإمام (عليه السّلام) قائلاً : «قد شاء الله أنْ يراهن سبايا».
لقد صحب معه عياله وهو يعلم ما سيجري عليها مِن الأسر والسّبي ؛ لأنّ بها سوف تستكمل رسالته ، وتؤدّي فعاليتها في القضاء على العرش الاُموي ، وإعادة الحياة الإسلامية إلى واقعها المُضيء.
٣ ـ كان الإمام (عليه السّلام) يتحدّث وهو في طريقه إلى العراق مِنْ أنّ رأسه الشريف سوف يُرفع على الحراب ، فيُطاف به في الأقطار والأمصار ، ويُهدى إلى بغي مِنْ بغايا بني أُميّة كما صُنِعَ برأس أخيه يحيى بن زكريا ، حيث أُهديَ إلى بغي مِنْ بغايا بني إسرائيل.