وقال له رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : «أنت أوّلُ المُؤمنينَ إيماناً وإسلاماً» (١). كما مدحته الصحابة بذلك ـ وهم أبصر من غيرهم ـ يوم كانوا يغترفون من مستقى العلم ومنبع الدِّين.
وعلى هذا الأساس تظافر الثناء عليه من العلماء والمؤلّفين ، والشعراء وسائر طبقات الاُمّة بأنّه أوّل مَن أسلم ، لكن هناك ضالع في سيره حَسبَ شيئاً فخانته هاجستًه وهوى إلى مدحرة الباطل ، فقال : إنّ عليّاً أسلم وهو صغير ؛ يُريد بذلك الحطَّ من مقامه وليس هناك.
٣ ـ ولو تنازلنا عن جميع ذلك ، فمِنْ أين عَلِمنا أنّ اشتراط البلوغ في التكليف كان مشروعاً في أوّل البعثة؟ فلعلّه كبقية الأحكام التدريجيّة نزل به الوحي فيما بعد ، ولقد حكى الخفاجي في شرح الشفا ٣ / ١٢٥ ، في باب دعاء النّبي صلىاللهعليهوآله على صبيٍّ ، عن البرهان الحلبي والسّبكي : إنّ اشتراط الأحكام بالبلوغ إنّما كان بعد واقعة اُحد. وعن غيرهما : إنّه بعد الهجرة. وفي السّيرة الحلبيّة ١ / ٣٠٤ : إنّ الصبيان يومئذ مكلّفون ، وإنّما رُفع القلمُ عن الصبيِّ عام خيبر. وعن البيهقي : إنّ
__________________
يتجاوز عمرها ثمان سنين ، ومع ذلك دعاها النّبيُّ صلىاللهعليهوآله إلى الإسلام وهي لم تُكلّف بعد ، وتصحيح دعوتها باعتبار كونها مميَّزة تفهم فلذلك خاطبها ، فكذلك عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام فأسلم وهو يعرف ما يقول ؛ فلذلك يصحُّ إسلامُهُ ويكون أوّل المسلمين ، وإلاّ إنْ رُفض ذلك ، فيلزم سقوطُ رواية الصحاح حول فاطمة سلام اللّه عليها ؛ إذ كيف يقبل مخاطبتها ودعوتها إلى الإسلام وهي صغيرة ، ولا يقبل إسلام عليِّ بن أبي طالب لكونه صغيراً؟! فإنّ ذلك قسمة ضيزى.
ومن هذا تندفع جميع الإشكالات الموجودة على صغر إسلام عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام.
(١) الأمالي للشيخ الصدوق / ٢٥.