١ ـ فإنّا لا نقول : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام أوّل مَن آمن ، وإن كانْ هو أوّل مَن وافق الرسول صلىاللهعليهوآله على مبدأ الإسلام لمّا صدع بالأمر ، ولكنّا نقول : متى (كفر) عليٌّ حتّى يُؤمن؟! وإنّما كان هو وصاحب الدعوة الإلهيّة عارفين بالدِّين وتعاليمه ، مُعتنقين له منذ كيانهما في عالم الأنوار قبل خلق الخلق ، غير أنّ ذلك العالم مبدأ الفيض الأقدس ، ووجودهما الخارجي مجراه ، فمحمّدٌ نبيٌّ وعليٌّ وصيٌّ ، وآدم بين الماء والطّين صلّى اللّه عليهم أجمعين.
٢ ـ على أنّ نبيّ الإسلام ، وهو العارف بأحكامه ، والذي خطّط لنّا التكاليف قبل إسلام ابن عمِّه ، وأنجز له جميع ما وعده به ؛ من الإخوّة والوصاية والخلافة يوم أجاب دعوته ، وآزره على هذا الأمرِ وقد اُحجم عنه عندما نزلت آية : (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (١).
وهل ترى أنّ النّبي صلىاللهعليهوآله كان يومئذ يجدُ في شريعته عدم
__________________
(١) سورة الشعراء / ٢١٤ ، وحديثُ الإنذار ورد في مصادر مُتعدّدة ، وبأسانيد لا بأس بها ، فورد بلفظ : «إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوه». في : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ / ٢١١ ، شواهد التنزيل للحسكاني ١ / ٤٨٦ ، تفسير البغوي ٣ / ٤٠٠ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٤٢ / ٤٩ ، مناقب علي بن أبي طالب وما نزل من القرآن في عليٍّ لابن مردويه الأصفهاني / ٢٩٠ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٣ ، وقد حذفه في تفسيره ، فقال في جامع البيان ١٩ / ١٤٩ : «فأيّكم يُؤازرني على هذا الأمر ، على أنْ يكون أخي وكذا وكذا»!! وكذلك فعل ابن كثير في البداية والنّهاية ٣ / ٥٣ ، الكامل في التاريخ لابن الأثير ٢ / ٦٣.
وبلفظ : «فأيّكم يُبايعني على أنْ يكون أخي وصاحبي ...» في : مُسند أحمد ١ / ١٥٩ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٨ / ٣٠٢ وقال : رواه أحمد ورجاله ثقات ، السّنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٢٦ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي / ٨٦ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٦٣ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ١ / ١٨٧ ، تهذيب الكمال المزي ٩ / ١٤٧ ، إمتاع الأسماع للمقريزي ٥ / ١٧٨.