بعد أنْ هبط الحلّة الفيحاء ، وأقام فيها دعامة الدِّين وشيّد أركان المذهب ، يمرّ بهذا المشهد حين وفوده إلى بني زبيد للإرشاد والهداية ، ولا يزوره ؛ ولذلك قلَّت رغبةُ النّاس في زمانه. فصادف أنْ مرّ به مرّة ، فطلبَ منه أهلُ القرية زيارة المرقد المُطهّر ، فاعتذر بما قدّمناه ، وقال : لا أزور مَن لا أعرفه.
فبات ليلةً وغادر القرية من غدٍ إلى المزيديّة وبات بها ، حتّى إذا قام للتهجُّد في آخر الليل وفرغ من عمله ، طفق يراقب طلوع الفجر ، إذْ دخل عليه رجلٌ في زيٍّ علوي شريف من سادة تلك القرية ، يعرفه المهدي بالصلاح والتقوى ، فسلّم وجلس ، وقال له : استضفت أهل الحمزة ، وما زرت مشهده؟!
قال : نعم.
قال : ولم ذلك؟
فأجابه بما قدّمناه من جوابه لأهل القرية.
فقال العلوي المذكور : رُبَّ مشهورٍ لا أصل له. وليس هذا قبر حمزة بن موسى الكاظم عليهالسلام كما اشتُهر ، وإنّما هو قبر أبي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العبّاسي ، أحد علماء الإجازة وأهل الحديث ، وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم وأثنوا عليه بالعلم والورع.
فحسبَ سيّدنا الحجّة المهدي أنّه أخذ هذا من أحد العلماء ؛ لأنّه كان من عوام السّادة ، وأين هو من الاطّلاع على الرجال والحديث؟! فاغفل عنه ونهض لفحص الفجر ، وخرج العلوي من عنده.
ثمّ أدّى السيّد الفريضة وجلس للتعقيب حتّى مطلع الشمس ، وراجع كُتب الرجال التي كانت معه ، فوجد الأمر كما وصفه الشريف العلوي الداخل عليه قُبيل الفجر ، ثُمّ ازدلف أهلُ القرية إليه مُسلّمين