وأدّى شبل علي عليهالسلام حقّها حتّى كان الفتح ، كما أنّها كانت معه يوم النّهروان.
أمّا يوم صفّين ، فكانت راية الهمدانيِّين مع سفيان بن يزيد ، فلمّا قُتل أخذها أخوه عبيد ، ثُمّ أخوه كرب ، ثُمّ عمير بن بشير ، ثُمّ الحرث بن بشير ، ثُمّ وهب بن كرب ، وكُلّهم قُتلوا دونها (١).
وفي هذا اليوم الباهر كان لحمَلَة الرَّايات من أهل العراق المقام المشكور ، حتّى تضعضع من أقدامهم عرش معاوية لولا القضاء وإبرام المحتوم.
فكان ذوو الألويات يحرصون على رفعها ؛ لكونها معقد الجيش ، وبها يتمّ نظامهم وتتطامن نفوسُهم ، ولم ينكسر الجيش إلاّ بقتل صاحب الراية وسقوطها.
ومن هنا نعرف مكانة أبي الفضل من البسالة ، وموقفه من الشهامة ، ومحلّه من الشرف ، ومبوءه من الدِّين ، ومنزلته من الغيرة ، ومرتقاه من السّؤدد يوم عبّأ الحسين عليهالسلام أصحابه ، فأعطى رايته أخاه (العبّاس) مع أنّ للعبّاس إخوة من اُمّه وأبيه ، وهناك من أولاد أبيه مَن لا يُسلّم اللّواء ، كما أنّ في الأصحاب مَن هو أكبر سنّاً منه ، مع صدق المفادات ، ولكن سيّد الشُّهداء عليهالسلام وجد أخاه أبا الفضل أكفى ممّن معه لحملها ، وأحفظهم لذمامه وأرأفهم به ، وأدعاهم إلى مبدئه وأوصلهم لرحمه ، وأحماهم لجواره وأثبتهم للطعان ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ / ١٤ ، رجال الطوسي / ٦٧ ، خلاصة الأقوال للحلّي / ١٥٩ ، رجال ابن داود / ١٠٤ ، نقد الرجال للتفرشي ٢ / ٣٣٨ ، وقعة صفِّين للمنقري / ٢٥٢ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٥ / ٢٠١ ، واسم أبي سفيان لم يُحدّد بيزيد ، بل اختلف بين كونه زيد أو يزيد كما في المصادر المُتقدِّمة.