البحث الرابع : توجّه الإمام عليهالسلام إلى مكّة
خرج الإمام الحسين عليهالسلام من المدينة متوجّهاً إلى مكة بأهله وإخوته ، وبني عمومته وبعض الخواصّ من شيعته ، ولم يبقَ إلاّ أخوه محمّد بن الحنفيّة ، وأفادت بعض المصادر التأريخية بأنّ الإمام عليهالسلام أقام في بيت العباس بن عبد المطلب (١) ، فيما تحدّثت مصادر اُخرى عن إقامته عليهالسلام في شِعْب عليّ (٢). وأقام الإمام عليهالسلام في مكة أربعة أشهر وأياماً من ذي الحجّة ، كان فيها مهوى القلوب ، فالتفّ حوله المسلمون يأخذون عنه الأحكام ، ويتعلّمون منه الحلال والحرام ، ولم يتعرّض له أمير مكة يحيى بن حكيم بسوء ، وحيث ترك الإمام عليهالسلام وشأنَه ؛ فقد عزله يزيد بن معاوية عنها ، واستعمل عليها عمرو بن سعيد بن العاص. وفي شهر رمضان من تلك السنة (٦٠ هـ) ضمّ إليه المدينة ، وعزل عنها الوليد بن عتبة ؛ لأنّه كان معتدلاً في موقفه من الإمام عليهالسلام ، ولم يستجب لطلب مروان (٣).
رسائل أهل الكوفة إلى الإمام عليهالسلام
وقد عرف النّاس في مختلف الأقطار امتناع الإمام الحسين عليهالسلام عن البيعة ، فاتّجهت إليه الأنظار ، وبخاصّة أهل الكوفة ، فقد كانوا يومذاك من أشدّ النّاس نقمةً على يزيد ، وأكثرِهم ميلاً إلى الإمام عليهالسلام ؛ فاجتمعوا في دار سليمان بن صرد الخزاعي ، فقام فيهم خطيباً فقال : إنَّ معاوية قد هلك ، وإنّ حسيناً قد تقبّض على القوم ببيعته ، وقد خرج إلى مكة ، وأنتم شيعته وشيعة أبيه ، فإن كنتم
__________________
(١) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٦٨.
(٢) الأخبار الطوال / ٢٠٩.
(٣) سيرة الأئمّة الاثني عشر٢ / ٥٨.