أن يُرمى به من فوق القصر ، فرموا به فتقطّع (١).
وروي أنّه وقع على الأرض مكتوفاً فتكسّرت عظامه وبقي به رمق ، فجاء رجل يُقال له : عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه ، فقيل له في ذلك وعِيبَ عليه ، فقال : أردتُ أن اُريحه.
مع زهير بن القين
وانتهت قافلة الإمام إلى «زرود» فأقام عليهالسلام فيها بعض الوقت ، وقد نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي وكان عثمانيّ الهوى ، وقد حجّ بيت الله في تلك السّنة ، وكان يُساير الإمام في طريقه ولا يُحبّ أن ينزل معه ؛ مخافةَ الاجتماع به إلاّ إنّه اضطرّ إلى النزول قريباً منه ، فبعث الإمام عليهالسلام إليه رسولاً يدعوه إليه ، وكان زهير مع جماعته يتناولون الطعام ، فأبلغه الرّسول مقالة الحسين فذُعر القوم وطرحوا ما في أيديهم من طعام ، وكأنَّ على رؤوسهم الطير. فقالت له امرأته : سبحانَ الله! أيبعث إليك ابنُ بنت رسول الله ثمّ لا تأتيه؟ لو أتيته فسمعتَ من كلامه ثمّ انصرفتَ. فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهُه ، فأمر بفسطاطه وثقله وراحلته ومتاعه فقُوِّضَ وحُمِل إلى الحسين عليهالسلام ، ثمّ قال لامرأته : أنتِ طالق ، الحقي بأهلك ؛ فإنّي لا اُحبّ أن يُصيبَكِ بسببي إلاّ خير. وقال لأصحابه : مَنْ أحبّ منكم أن يتبعني وإلاّ فهو آخر العهد. إنّي سأحدّثكم حديثاً : إنّا غزونا البحر ففتح الله علينا وأصبنا غنايم ، فقال لنا سلمان الفارسي (رحمة الله عليه) : أَفَرِحْتُم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟ قلنا : نعم. فقال : إذا أدركتم سيّد شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معه ممّا أصبتم اليوم من الغنائم. فأمّا
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ٧١ ، ومثير الأحزان / ٤٢ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٨١.