فتحرّك الإمام عليهالسلام من مكة مبكّراً ؛ ليقوم بالثورة قبل أن تتمكّن يد الغدر من قتله وتصفيته ، وهو بعد لم يتمكّن من أداء دوره المفروض له في الاُمّة آنذاك ، وسعى لتفويت أيّة فرصة يمكن أن يستغلّها الاُمويّون للغدر به ، والظهور بمظهر المدافع عن أهل بيت النبوّة.
٦ ـ انتشار الظلم وفقدان الأمن
قام الحكم الاُموي على أساس الظلم والقهر والعدوان ، فمنذ أن برز معاوية وزمرته كقوّة في العالم الإسلامي برز وهو باغ على خليفة المسلمين وإمام الاُمّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأسرف في ممارساته الظالمة التي جلبت الويل للاُمّة ، فقد سفك الدماء الكثيرة ، واستعمل شرار الخلق لإدارة الاُمور يوم تفرّد بالحكم ، بل وقبل أن يتسلّط على الاُمّة كانت كلّ العناصر الموالية له تشيع الخوف والقتل حتّى قال النّاس في ولاية زياد بن أبيه : «انج سعد ، فقد هلك سعيد» ؛ للتدليل على ضياع الأمن في جميع أنحاء البلاد (١).
ومن جانب آخر أمعنت السّلطة الاُموية في احتقار فئات وقطاعات كبيرة من الاُمّة بنظرة استعلائية قبلية (٢) ، كما مارس معاوية في سياسته التي ورثها يزيد أنواع الفتك والتعذيب والتهجير للمسلمين ، وبالأخص مَنْ عرف منه ولاء أهل البيت عليهمالسلام (٣).
وبكلّ جرأة على الحقّ واستهتار بالقيم يقول معاوية للإمام الحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله ، علمت أنّا قتلنا شيعة أبيك ، فحنّطناهم وكفّناهم
__________________
(١) تأريخ الطبري ٦ / ٧٧ ، وتأريخ ابن عساكر ٣ / ٢٢٢ ، والاستيعاب ١ / ٦٠ ، وتأريخ ابن كثير ٧ / ٣١٩.
(٢) العقد الفريد ٢ / ٢٥٨ ، وطبقات ابن سعد ٦ / ١٧٥ ، ونهاية الإرب ٦ / ٨٦.
(٣) شرح النهج ١١ / ٤٤ ، وتأريخ الطبري ٤ / ١٩٨.