ولكن لم يشكّ أحد في مشروعية وعدالة موقف الإمام الحسين عليهالسلام تجاه الانحراف المستشري في كلّ مفاصل الدولة ، وتجاه التغيير الحاصل في بنية الاُمّة الإسلاميّة ، إلاّ أنّ موقف الاستعداد الكامل للنصرة باتخّاذ قرار ثوريّ يزيح عن الاُمّة الظلم والفساد لم يكن يتكامل بعد لدى الجميع.
وقد كانت هذه المواقف تتراوح بين التأييد مع إعلان الاستعداد للثورة مهما كانت النتائج ، وبين الحذر من الفشل وعدم نجاح الثورة ، وبين التثبيط وفتّ العزائم.
وتبنّى شيعة أهل البيت عليهمالسلام الذين اكتووا بجحيم البيت الأموي المتحكّم في رقاب المسلمين موقف التأييد وإعلان الاستعداد ، وإن غلب الخوف على بعضهم فيما بعد ، واُودع البعض الآخر السجن ، أو حوصر من قبل قوّات السّلطة الاُمويّة.
كما تبنّى آخرون من أقرباء الإمام عليهالسلام ـ مثل عبد الله بن عباس ومحمّد ابن الحنفيّة ـ موقف الحذر ، ورجّحوا للإمام الحسين عليهالسلام الهجرة إلى اليمن ؛ نظراً لبُعد اليمن عن العاصمة ، ولتوفّر جمع من شيعته وشيعة أبيه فيها (١).
وتبنّى آخرون موقف التثبيط ، وفتّ العزائم والتخويف من مغبّة الثورة على الحاكم ، فنصحوا الإمام عليهالسلام بالدخول فيما دخل فيه النّاس ، والصّبر على الظلم ، كما تمثّل ذلك في نصيحة عبد الله بن عمر للإمام الحسين عليهالسلام (٢).
__________________
(١) مقتل الحسين ـ للخوارزمي ١ / ١٨٧ و٢١٦ ، ومروج الذهب ٣ / ٦٤.
(٢) مقتل الحسين ـ للخوارزمي ١ / ١٩١.