الإسلاميّة من التحريف لو كان يسرع بثورته في أيام معاوية.
وأمّا حينما اعتلى يزيد عرش الخلافة ، وهو مَنْ قد عرفه النّاس باللهو والفسق ، والشغف بالقرود وشرب الخمور ، وعدم صلاحيته للخلافة ؛ لتجاوزه وعدوانه على كلّ المقاييس الشّرعيّة والعرفيّة لدى المسلمين ، فالثورة عليه تعدّ ثورة مشروعة عند عامّة المسلمين ، كما أثبت التأريخ ذلك بكلّ وضوح.
٣ ـ احترام صلح الإمام الحسن عليهالسلام
لقد كان العهد والميثاق الذي تمّ بين معاوية وبين الإمام الحسن عليهالسلام ورقة رابحة يلوّحها معاوية لكلّ تحرّك فعّال مضاد تجاه تربّعه على مسند السّلطة ، صحيح أنّه عهد غير حقيقي ، وما كان برضى الإمامين عليهماالسلام ، وتمّ في ظروف كان لا بدّ من تغييرها ، لكنّ المجتمع لم يكن يتقبّل نهضة الإمام الحسين عليهالسلام مع وجود هذا العهد ، وحتى لو كان هذا العهد صحيحاً فإنّ معاوية نقضه بممارسته العدائية بملاحقة رجال الشّيعة ، ولم يرعَ أيَّ حقّ في سياسته الاقتصادية.
وقد سارع معاوية لاستغلال هذا العهد في التشهير بالإمام الحسين عليهالسلام ، وإظهاره بموقف الناقض للعهد ، فقد كتب إلى الإمام عليهالسلام :
أمّا بعد ، فقد انتهت إليّ اُمور عنك ، إن كانت حقاً فإنّي أرغب بك عنها. ولعمر الله ، إنّ مَنْ أعطى عهد الله وميثاقه لجدير بالوفاء ، وإنّ أحقّ الناس بالوفاء مَنْ كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله بها ، ونفسك فاذكر ، وبعهد الله أوفِ ؛ فإنّك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكدك ، فاتّقِ شقّ عصا هذه الاُمّة (١).
__________________
(١) الإمامة والسّياسة ١ / ١٨٨ ، والأخبار الطوال / ٢٢٤ ، وأعيان الشّيعة ١ / ٥٨٢.