٦ ـ الصراحة والجرأة في الإصحار بالحقّ:
لقد كانت نهضة الإمام الحسين عليهالسلام وثورته بركاناً تفجّر في تأريخ الرسالة الإسلاميّة ، وزلزالاً صاخباً أيقظ ضمير المتقاعسين عن نصرة الحقّ ، والكلمة الطيبة التي دعت كلّ الثائرين والمخلصين للعقيدة والرسالة الإسلاميّة إلى مواصلة المسيرة في بناء المجتمع الصالح وفق ما أراده الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله.
وقد نهج الإمام الحسين عليهالسلام منهج الصراحة والمكاشفة ، موضّحاً للاُمّة الخلل والزيغ والطريق الصحيح ، فها هو بكلّ جرأة يقف أمام الطّاغية يحذّره ويمنعه عن التمادي في الغيّ والفساد ... فهذه كتبه عليهالسلام إلى معاوية واضحة لا لبس فيها ينذره ويحذّر من الاستمرار في ظلمه ، ويكشف للاُمّة مدى ضلالته وفساده (١).
وبكلّ صراحة وقوّة رفض البيعة ليزيد بن معاوية ، وقال ـ موضّحاً للوليد ابن عتبة حين كان والياً ليزيد ـ : «إنّا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومحلّ الرحمة ، بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد فاسق فاجر ، شارب للخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق والفجور ، ومثلي لا يبايع مثله» (٢).
وكانت صراحته ساطعة مع أصحابه ومَنْ أعلن عن نصرته ، ففي أثناء المسير باتّجاه الكوفة وصله نبأ استشهاد مسلم بن عقيل وخذلان النّاس له ، فقال عليهالسلام للذين اتّبعوه طلباً للعافية : «قد خذلنا شيعتنا ، فمَنْ أحبّ منكم الانصراف فلينصرف غير حرج ، ليس عليه ذمام» (٣).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٨٩ و١٩٥.
(٢) الفتوح ٥ / ١٤ ، ومقتل الحسين ـ للخوارزمي ١ / ١٨٤ ، وبحار الأنوار ٤٤ / ٣٢٥.
(٣) الإرشاد ٢ / ٧٥ ، وتأريخ الطبري ٣ / ٣٠٣ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٨٢ ، وبحار الأنوار ٤٤ / ٣٧٤.