المبحث الخامس : حركة الإمام الحسين عليهالسلام إلى العراق
ونترك الكوفة يعبثُ بها ابن زياد ويتتبّع شيعة الإمام الحسين عليهالسلام ويطاردهم ، ونعود إلى مكة لنتابع السّير مع ركب الحسين عليهالسلام حتّى الطفّ حيث المأساة الكبرى. قال المؤرّخون : كان خروج مسلم بن عقيل (رحمة الله عليه) بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجّة سنة ستين ، وقتلُه يوم الأربعاء لتسع خلون منه يوم عرفة ، وكان توجّه الحسين (صلوات الله عليه) من مكة إلى العراق في يوم خروج مسلم بالكوفة ـ وهو يوم التروية ـ بعد مُقامه بمكة بقيّة شعبان وشهر رمضان وشوّالاً وذي القعدة ، وثماني ليال خلون من ذي الحجّة سنة ستين. وكان عليهالسلام قد اجتمع إليه مدةَ مُقامه بمكة نَفَرٌ من أهل الحجاز ، ونفر من أهل البصرة انضمّوا إلى أهل بيته ومواليه.
ولمّا أراد الحسين عليهالسلام التوجّه إلى العراق طاف بالبيت ، وسعى بين الصّفا والمروة ، وأحلّ من إحرامه وجعلها عمرةً ؛ لأَنّه لم يتمكّن من تمام الحجّ مخافة أن يُقْبَضَ عليه بمكة فيُنْفَذ به إلى يزيد بن معاوية ، فخرج عليهالسلام مبادراً بأهله وولده ومَنْ انضمّ إليه من شيعته ، ولم يكن خبر مسلم قد بلغه (١).
لماذا اختار الإمام الحسين عليهالسلام الهجرة إلى العراق؟
رغم كلّ ما قيل من تحليل ودراسة لوضع المجتمع الكوفي ، وما ينطوي عليه من إثارة سلبيات يتكهّن بأغلبها المحلّلون من دون جزم ، فإنّنا نرى أنّ اختيار الإمام الحسين عليهالسلام الهجرة إلى العراق كان لأسباب منها :
١ ـ إنّ التكليف الإلهي برفع الظلم والفساد والأمر بالمعروف والنهي عن
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ٦٧.