تأريخية اُخرى أنّه جاء في الرسالة : إذا أتاك كتابي هذا فاحضر الحسين بن عليّ ، وعبد الله بن الزبير فخذهما بالبيعة ، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما ، وخذ النّاس بالبيعة ، فمَنْ امتنع فأنفذ فيه الحكم (١).
الوليد يستشير مروان بن الحكم :
حار الوليد في أمره ؛ إذ يعرف أنّ الإمام الحسين عليهالسلام لا يُبايع ليزيد مهما كانت النتائج ، فرأى أنّه في حاجة إلى مشورة مروان بن الحكم عميد الاُسرة الاُموية فبعث إليه ، فأشار مروان على الوليد قائلاً له : ابعث إليهم (٢) في هذه السّاعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد ، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم ، وإن أبوا قدّمهم واضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية ؛ فإنّهم إن علموا ذلك وثب كلّ رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه ، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به ، إلاّ عبد الله بن عمر ؛ فإنّه لا ينازعُ في هذا الأمر أحداً ، مع أنّني أعلم أنّ الحسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد ، ولا يرى له عليه طاعةً. ووالله لو كنت في موضعك لم اُراجع الحسين بكلمة واحدة حتّى أضرب رقبته كائناً في ذلك ما كان (٣).
وعظم ذلك على الوليد ، وهو أكثر بني اُميّة حنكةً ، فقال لمروان : يا ليت الوليد لم يولد ، ولم يك شيئاً مذكوراً (٤).
فسخر منه مروان وراح يندّد به ، قائلاً : لا تجزع ممّا قلتُ لك ؛ فإنّ
__________________
(١) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٢١٥.
(٢) المقصود هنا الإمام الحسين عليهالسلام ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، باعتبار أنّ بعض المصادر التأريخية أفادت بأنّ رسالة يزيد تضمّنت أسماءهم جميعاً ، مثل تأريخ الطبري ٦ / ٨٤.
(٣) حياة الإمام الحسين عليهالسلام ٢ / ٢٥.
(٤) المصدر السابق ٢ / ٢٥١.