منها : ما رواه في التهذيب عن سماعة ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يأتي المسجد وقد صلّى أهله ، أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوّع؟ فقال : «إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوّع قبل الفريضة ، فإن خاف فوت الوقت فليبدأ بالفريضة» (١).
وعن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت : أُصلّي في وقت فريضة نافلةً؟ قال : «نعم في أوّل الوقت إذا كنت مع إمام تقتدي به ، فإذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة» (٢).
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس ، فقال : «يصلّي ركعتين ثمّ يصلّي الغداة» (٣).
وعن عبد الله بن سنان عنه عليهالسلام «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله رقد فغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى آذاه حرّ الشمس فركع ركعتين ثمّ صلّى الصبح» (٤).
وحملوا الأخبار الدالّة على النهي على الكراهة ؛ جمعاً بينها وبين ما دلّ على الجواز.
أقول : ما ذكروه من الأخبار الشاهدة بالجواز عدا الرابع غير سليم من الطعن في السند.
أمّا الأوّل : ففي سنده عثمان بن عيسى عن سماعة ، وهُما واقفيّان ، لكنّهما ثقتان (٥).
والثاني : عثمان بن عيسى عن إسحاق ، وإسحاق فطحيّ.
وفي طريق الثالث : سماعة عن أبي بصير ، وقد عرفت حال سماعة.
وأمّا الرابع : فصحيح السند ، لكن في معارضته للخبرين (٦) نظر ، مع أنّ الركعتين اللتين صلاهما النبيّ قبل أن يصلّي الصبح لم يبيّن أنّهما نافلة ، فجاز كونهما فريضةً بسبب من الأسباب.
ويمكن أن يستدلّ بأصالة عدم الوجوب ، ويعتضد بالأخبار الأُخرى ، فإنّها وإن لم يكن طريقها صحيحاً لكنّها من الموثّق.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٦٤ / ١٠٥١.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٦٤ / ١٠٥٢.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٦٥ / ١٠٥٧.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٦٥ / ١٠٥٨.
(٥) جملة «لكنّهما ثقتان» لم ترد في «م».
(٦) أي النبوي وخبر زرارة ، المتقدّمان في ص ٤٩٦.