قال في الصحاح : الفرط بالتحريك الذي يتقدّم الواردة فيهيّئ لهم الأرسان والدلاء ويمدر الحياض ويستقي لهم ، وهو فَعَل بمعنى فاعل ، مثل تَبَع بمعنى تابع ، وفي الحديث «أنا فرطكم على الحوض» (١). ومنه قيل للطفل الميّت : اللهمّ اجعله [لنا] فرطاً ، أي أجراً يتقدّمنا حتى نرد عليه (٢).
وفي الشرائع : سأل الله أن يجعله مصلحاً لحال أبيه شافعاً فيه (٣).
والظاهر أنّ المراد بالطفل هنا مَنْ دون البلوغ ؛ إذ لا يحتاج مَنْ كان كذلك إلى الدعاء له.
وليس في الدعاء قسم آخر غير ما ذُكر.
فرع : لو كان أبوا الطفل كافرين كالمسبيّ إن قلنا بتبعيّته في الإسلام ، قال في دعائه : اللهمّ اجعله لنا فرطاً ؛ إذ لا أجر لوالديه حينئذٍ. ولو كان أحدهما مسلماً ، ذكره.
وفي الدعاء لأبوي لقيط دار الكفر مع الحكم بإسلامه نظر ، أقربه ذلك رعايةً لحرمة الإسلام ، التي باعتبارها الحق به.
والأمر في ذلك سهل ؛ لكونه غير واجب ، فلو تركه واقتصر على المتيقّن ، جاز.
(ثمّ يكبّر الخامسة وينصرف).
وقد اتّفق الأصحاب على كون التكبيرات خمساً ، ورواه العامّة عن النبيّ في صحاحهم عن زيد بن أرقم أنّه كبّر على جنازة خمساً ، وقال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يكبّرها (٤) ، ولفظة «كان» تشعر بالدوام ، ورووا أيضاً الأربع (٥) ، وعملوا بها مخالفةً لنا على ما صرّح به بعضهم (٦).
والأخبار من طُرقنا متظافرة بالخمس ، وفي بعضها التعليل بأخذ تكبيرة من كلّ صلاة من الخمس (٧).
__________________
(١) سنن النسائي ١ : ٩٤ ، مسند أحمد ٢ : ٥٨١ / ٧٩٣٣ ؛ وفيهما : «.. فرطهم ..».
(٢) الصحاح ٣ : ١١٤٨ ١١٤٩ ، «ف ر ط». وما بين المعقوفين من المصدر.
(٣) شرائع الإسلام ١ : ٩٧.
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٦٥٩ / ٩٥٧ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٢ / ١٥٠٥ ؛ سنن النسائي ٤ : ٧٢.
(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٤٨١ ٤٨٢ / ١٥٠٢ ١٥٠٤.
(٦) حكاه عن بعض شُرّاح مسلم الشهيدُ في الذكرى ١ : ٤٢٩.
(٧) الكافي ٣ : ١٨١ ١٨٢ / ٥ ؛ التهذيب ٣ : ١٨٩ / ٤٣٠.