للمنفرد طريق الجمع بين روايتيهما ، كما ذهب إليه الشيخ في الاستبصار (١) ، لكن تبقى رواية أولويّة التسبيح لا طريق إلى حملها ؛ إذ لا قائل بأولويّته في فردٍ مخصوص بل بالعموم.
وربما قيل : إنّ مَنْ لم تسكن نفسه إلى التسبيح فالتسبيح أفضل له مطلقاً (٢) ، فتُحمل عليه رواية أفضليّة التسبيح.
ويمكن أن يقال : إنّ التسبيح أحوط ؛ للخلاف في الجهر بالبسملة في الأخيرتين ، فإنّ ابن إدريس حرّمه (٣) ، وأبا الصلاح أوجبه (٤) ، فلا يسلم من الخلاف ، بخلاف ما لو اختار التسبيحات الاثنتي عشرة ، فإنّها مجزئة إجماعاً.
(ولو لم يحسن القراءة ، وجب عليه التعلّم) لتوقّف الواجب عليه (فإن ضاق الوقت ، قرأ ما يحسن) منها إجماعاً.
فإن كان ما يحسنه مجموعَ الفاتحة وإنّما يجهل السورة أو بعضها ، اقتصر على ما يحسنه من غير تعويض عن المتروك بقرآن ولا ذكر ، اقتصاراً في التعويض على موضع الوفاق. ولأنّ السورة تسقط مع الضرورة ، والجهل بها مع ضيق الوقت قريب منها إن لم يكن أولى.
ولو كان ما يحسنه بعضَ الفاتحة ، فإن لم يُسمّ قرآناً لقلّته ، فهو كالجاهل بجميع القراءة ، وإن سُمّي قرآناً ، قرأه.
وهل يقتصر عليه أو يعوّض عن الفائت بتكرارها أو بغيرها من القرآن إن كان يحسنه وإلا ذكر الله تعالى بدله؟ ظاهر العبارة : الأوّل ؛ لأنّه قصر التعويض على الجاهل بالجميع ، وهو خيرة المعتبر (٥).
والذي اختاره المصنّف في أكثر كتبه (٦) وهو المشهور بين المتأخّرين وجوب التعويض عن الفائت ؛ لعموم (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ) (٧) خرج منه ما اتّفق على عدم وجوبه
__________________
(١) انظر : الاستبصار ١ : ٣٢١ ٣٢٢.
(٢) القائل هو المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٥٩.
(٣) السرائر ١ : ٢١٨.
(٤) لم نعثر عليه في الكافي في الفقه.
(٥) المعتبر ٢ : ١٧٠.
(٦) منها : تذكرة الفقهاء ٣ : ١٣٧ ١٣٨ ، الفرع «د» ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٤٧٥.
(٧) المزّمّل (٧٣) : ٢٠.