مع سعة الوقت ، فإنّه لا يقصر عن تعدّد المؤذّنين في المسجد الواحد.
وتوقّف في الذكرى ، قال : أمّا المؤذّن للجماعة فلا يستحبّ لهم التكرار معه (١).
وما ذكرناه آتٍ فيه أيضاً.
واعلم أنّ المصنّف (٢) وأكثر الجماعة (٣) حكموا بكون الإنسان لو أذّن ليصلّي منفرداً ثمّ أراد الجماعة ، استحبّ له إعادته. واستندوا في ذلك إلى ما رواه عمّار عن أبي عبد الله عليهالسلام في الرجل يؤذّن ويقيم ليصلّي وحده فيجيء رجل آخر فيقول له : نصلّي جماعة ، هل يجوز أن يصلّيا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : «لا ، ولكن يؤذّن ويقيم» (٤).
وطريق الرواية ضعيف بعمّار ، وقد تقدّم اجتزاء الإمام بأذان غيره إذا كان منفرداً ، فاجتزاؤه بأذان نفسه أولى ، ومن ثَمَّ ردّها المصنّف في المنتهي والمحقّق في المعتبر ، واجتزءا بالأذان الأوّل (٥).
وأُجيب (٦) عن ضعف الرواية باعتضاده بالشهرة بين الأصحاب وعملهم. وعن الأولويّة بالفرق ، فإنّ أذان الغير صادف نيّة السامع للجماعة ، فكان بمنزلة مَنْ أذّن للجماعة ، ولا كذلك مَنْ أذّن بنيّة الانفراد. وبأنّ الغير أذّن للجماعة ، أو لم يؤذّن ليصلّي وحده ، بخلاف المؤذّن لنفسه ، فالمراد بالغير المنفرد بصلاته خاصّة ، وبالثاني المنفرد بأذانه وصلاته.
(ويؤذّن) المصلّي (خلف غير المرضيّ) للتقيّة ، ويقيم لنفسه ؛ لرواية محمّد بن عذافر عن الصادق عليهالسلام «أذّن خلف مَنْ قرأت خلفه» (٧) وغيره من الأخبار ، وفيها دلالة على عدم الاجتزاء بأذان المخالف ، كما تقدّم.
(فإن خاف الفوات) أي فوات الركعة بأن لا يلحق الإمام راكعاً كما تدلّ عليه
__________________
(١) الذكرى ٣ : ٢٢٩.
(٢) تذكرة الفقهاء ٣ : ٦٤ ، المسألة ١٧٢ ؛ نهاية الإحكام ١ : ٤٢٠.
(٣) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ٦٥ ؛ والمبسوط ١ : ٩٨ ؛ والشهيد في الذكرى ٣ : ٢٢٩ ٢٣٠ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٧٣.
(٤) الكافي ٣ : ٣٠٤ ذيل الحديث ١٣ ؛ الفقيه ١ : ٢٥٨ / ١١٦٨ ؛ التهذيب ٣ : ٢٨٢ / ٨٣٤.
(٥) منتهى المطلب ٤ : ٤١٥ ؛ المعتبر ٢ : ١٣٧.
(٦) المجيب هو الشهيد في الذكرى ٣ : ٢٣٠ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٧٣ ١٧٤.
(٧) التهذيب ٣ : ٥٦ / ١٩٢.