أفضل من الفاسق وقد قال عليهالسلام : «يؤذّن لكم خياركم» (١) ولأنّه لا يؤمن من تطلّع الفاسق على العورات حال أذانه على مرتفع.
وشرط ابن الجنيد العدالةَ ، فلم يعتدّ بأذان الفاسق ؛ لفقد (٢) الأمانة (٣).
وأُجيب : بأنّ إطلاق اللفظ في شرعيّة الأذان يتناوله ، ولصحّة أذانه لنفسه فيصحّ لغيره.
ويتّجه قول ابن الجنيد في منصوب الحاكم الذي يرزق من بيت المال ، فيحصل بالعدل كمال المصلحة.
واعلم أنّ استحباب كون المؤذّن عدلاً لا يتعلّق بالمؤذّن ؛ لصحّة أذان الفاسق مع كونه مأموراً بالأذان ، بل الاستحباب راجع إلى الحاكم بأن ينصبه مؤذّناً لتعمّ فائدته.
وأن يكون المؤذّن (صيّتاً) أي رفيع الصوت ليعمّ النفع به ، ويتمّ به الغرض المقصود منه ، وهو الإعلام.
ولقول الصادق عليهالسلام في رواية معاوية بن وهب : «ارفع به صوتك» (٤).
ويستحبّ مع ذلك كونه حسن الصوت لتُقبل القلوب على سماعه.
وأن يكون (بصيراً بالأوقات) عارفاً بها ليأمن الغلط ، ويقلّده ذوو الأعذار.
ولو أذّن الجاهل في وقته ، صحّ واعتدّ به ؛ لحصول المطلوب.
وأن يكون (متطهّراً) من الحدثين ؛ لقول النبيّ : «حقّ وسنّة أن لا يؤذّن أحد إلا وهو طاهر» (٥) وقوله عليهالسلام : «لا يؤذّن إلا متوضّئ» (٦).
وليست الطهارة شرطاً عندنا ؛ لأنّه ذكر ، وليس من شرطه الطهارة ، ولا يزيد على قراءة القرآن ؛ لصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا بأس أن تؤذّن وأنت على غير طهر ، ولا تقيم إلا وأنت على وضوء» (٧).
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٦٤٧ ، الهامش (٢).
(٢) في الطبعة الحجريّة : «لعدم» بدل «لفقد».
(٣) حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ١٥٠ ، المسألة ٨٣.
(٤) الفقيه ١ : ١٨٥ / ٨٧٦.
(٥) سنن البيهقي ١ : ٥٨٣ / ١٨٥٩ ؛ كنز العمّال ٨ : ٣٤٣ / ٢٣١٨٠.
(٦) سنن الترمذي ١ : ٣٨٩ / ٢٠٠ ؛ سنن البيهقي ١ : ٥٨٣ / ١٨٥٨.
(٧) التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٧٩.