وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إنه قد أظلكم شهر (١) فيه ليلة خير من ألف شهر ، وهو شهر رمضان فرض الله صيامه ، وجعل قيام ليلة فيه كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور ، وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر كأجر من أدى فريضة من فرائض الله عزوجل (٢) ، ومن أدى فريضة من فرائض الله كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ، وهو شهر الصبر (٣) وإن الصبر ثوابه الجنة ، وهو شهر المواساة (٤) وهو شهر يزيد الله فيه رزق المؤمن ، ومن فطر فيه مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لذنوبه فيما مضى ، فقيل له : يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما ، فقال : إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم لمن لم يقدر إلا على مذقة (٥) من لبن يفطر بها صائما أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك ، ومن خفف فيه عن مملوكه خفف الله عزوجل عليه حسابه ، وهو شهر أوله رحمة ، ووسطه مغفرة ، وآخره إجابة والعتق من النار (٦) ، ولا غنى بكم فيه عن أربع خصال : خصلتين ترضون الله بهما ، وخصلتين لا غنى بكم عنهما ، فأما اللتان ترضون الله بهما فشهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله عزوجل فيه حوائجكم والجنة وتسألون الله فيه العافية ، وتتعوذون به من النار.
__________________
(١) أي أقبل عليكم ودنا منكم كأنه ألقى ظله عليكم. (النهاية)
(٢) يفهم منه فضل الفرائض على النوافل مطلقا.
(٣) أي الصبر في طاعة الله واتيان ما أمره من حفظ النفس عن تناول كل ما يشتهى من المباحات التي كانت له حلالا في غير هذا الشهر.
(٤) أي يساوى فيه الناس في الجوع والعطش غنيا كانوا أو فقيرا أو يساوى الناس في الحكم أي لا يجوز لأحدهم تناول شئ من المفطرات ، أو هو شهر ينبغي فيه أن يشرك الأغنياء الفقراء وأهل الحاجة في معايشهم فيكون المعنى شهر المساهمة والمشاركة في المعاش.
(٥) المذقة : اللبن الممزوج بالماء وميمه أصلية.
(٦) أي في العشر الأول ينزل الله عزوجل الرحمات الدنيوية والأخروية على عباده ، وفى العشر الأوسط يغفر ذنوبهم ، وفى العشر الآخر يستجيب دعاءهم ويعتق رقابهم من النار.