حتّى انتهى إلى النخيلة فأتقام فيها حتّى التحمت به فصائل من جيشه المتخاذل ، ثمّ ارتحل حتّى إنتهى إلى دير عبد الرحمن ، فأقام به ثلاثة أيّام ، ثمّ واصل سيره لا يلوي على شيء .
وانتهى الإمام ، ومعه بعض الفرق من جيشه إلى المدائن ، فأقام بها ، وقد أحاطت به المصاعب والأزمات ، فقد عانى من جيشه الممزّق والخائن ألواناً شاقّة وعسيرة من المحن والمشاكل ، وابتلي بما لم يبتل به أحد من قادة المسلمين وخلفائهم ، وكان من بين ما امتحن به :
وكان من أقسى ما ابتلي به الإمام في تلك المرحلة الحسّاسة خيانة ابن عمّه عبيد الله بن العبّاس القائد العامّ لقوّاته المسلّحة ، فقد أرشاه معاوية بما يقارب المليون درهم ، فولّى الخائن الجبان منهزماً تحت جنح الليل البهيم يصحب معه العار والخزي ، فالتحق بمعسكر معاوية ، ولمّا علم الجيش بذلك اضطرب اضطراباً هائلاً ، وماج في الفتنة والشقاء ، ودبّت روح الخيانة في جميع قطعات الجيش ، كما خان جماعة من ذوي الرتب العليا في الجيش ، فالتحقوا بمعسكر معاوية بعد أن أرشاهم بأمواله .
إنّ خيانة عبيد الله
من أقسى الضربات التي حلّت بجيش الإمام ، فقد فتحت أبواب الخيانة على مصراعيها لذوي الضمائر القلقة لبيع ضمائرهم على معاوية ، كما أدّت إلى انهيار معنويات جيش الإمام ، وفي نفس الوقت كانت من أقسى الصدمات التي واجهها الإمام في تلك الفترة العصيبة ، فقد ألقت له الأضواء على نفوس أغلب قادة جيشه ، وأنّهم مجموعة من الخونة الذين لا يملكون أي رصيد