ـ أفأشرب والحسين عطشان ، ومن ترى من أصحابه ؟
ـ لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنّما وضعنا بهذا المكان لمنعهم عن الماء .
ولم يعن به الأبطال من أصحاب الإمام ، وسخروا من كلامه ، فاقتحموا الفرات ليملأوا قربهم منه ، فثار في وجوههم عمرو بن الحجّاج ومعه مفرزة من جنوده ، والتحم معهم بطل كربلاء أبو الفضل ، ونافع بن هلال ، ودارت بينهم معركة إلّا أنّه لم يقتل فيها أحد من الجانبين ، وعاد أصحاب الإمام بقيادة أبي الفضل ، وقد ملأوا قربهم من الماء .
لقد أروى أبو الفضل عطاشى أهل البيت عليهمالسلام ، وأنقذهم من الظمأ ، وقد منح منذ ذلك اليوم لقب ( السقّاء ) وهو من أشهر ألقابه ، وأكثرها ذيوعاً بين الناس ، كما أنّه من أحبّ الألقاب وأعزّها عنده (١) .
وبادر الخبيث الدنس شمر بن ذي الجوشن إلى سيّده ابن مرجانة ، فأخذ منه أماناً لأبي الفضل وإخوته الممجّدين ، وقد ظنّ أنّه سيخدعهم ويفردهم عن أخيهم أبي الأحرار ، وبذلك يضعف جيش الإمام ، لأنّه يخسر هؤلاء الأبطال الذين هم من أشجع فرسان العرب ، وجاء الخبيث يشتدّ كالكلب وقد وقف أمام جيش الحسين ، وهتف منادياً : أين بنو اُختنا العبّاس وإخوته ؟
وهبّت الفتية كالاُسود ، فقالوا له : ما تريد يا بن ذي الجوشن ؟
فانبرى مستبشراً يبدي لهم الحنان المزيّف قائلاً : لكم الأمان .
وصاحوا به ، وهم يتميّزون من الغيظ ، فقد لذعهم قوله : لعنك الله ، ولعن أمانك ،
__________________________
(١) أنساب الأشراف ٣ : ١٨١ .