فردّه هذا الشعر إلى الصبر والثبات ، كما كان يتحدّث بذلك أيّام العافية ، وفيما أحسب أنّ هذا الشعر ليس هو الذي ردّه إلى الثبات وعدم الهزيمة ، إذ ليس لابن هند أيّة عفّة أو حياء نفس ، ولا غير ذلك ممّا حوته هذه الأبيات ، وإنّما ردّه إلى الصبر هو ما دبّره من المكيدة والخديعة التي مزّقت الجيش العراقي ، وهو ما سنتحدّث عنه .
الخديعة الكبرى
وآن النصر المحتّم لجيش الإمام عليهالسلام ، فقد أشرف على الفتح ، ولم يبق إلّا مقدار حلبة شاة من الوقت حتّى يؤسر معاوية أو يقتل ، كما أعلن ذلك قائد القوّات المسلّحة في جيش الإمام الزعيم مالك الأشتر ، ومن المؤسّف جدّاً أنّه في تلك اللحظات الحاسمة مُني الإمام بانقلاب عسكري في جيشه ، فقد رفع عسكر معاوية المصاحف على أطراف الرماح ، وهم ينادون بالدعوة إلى تحكيم القرآن ، وإنهاء الحرب حقناً لدماء المسلمين ، واستجابت قطعات من جيش الإمام لهذا النداء الذي يحمل التدمير الشامل لحكومة الإمام واُفول دولة القرآن .
يا للعجب ! لقد نادى جيش معاوية بالرجوع إلى تحكيم القرآن ، ومعاوية وأبوه هما في طليعة من حارب القرآن .
أصحيح أنّ ابن هند يؤمن بالقرآن ، ويحرص على دماء المسلمين ، وهو الذي أراق أنهاراً من دمائهم إرضاءً لجاهليّته ، وانتقاماً من الإسلام .
وكان أوّل من استجاب لهذا النداء المزيّف العميل الأموي الأشعث بن قيس ، فقد جاء يشتدّ كالكلب نحو الإمام ، وقد رفع صوته ليسمعه الجيش قائلاً : « ما أرى الناس إلّا قد رضوا ، وسرّهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن ، فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد » .
وامتنع الإمام من
إجابة هذا العميل المنافق الذي طعن الإسلام في صميمه ،